الهجوم على"الموريتانية".. الأهداف، والاستهداف !

بطريقة بدت منسقة في نهجها، موحدة في الهدف، مفاجئة في التوقيت.. تتعرض مديرة قناة الموريتانية خيرة بنت الشيخاني لهجوم لعله الأعنف من نوعه، حيث يصب البعض عليها حمم غضبه، في لحظة انفعال لا شعوري، كردة فعل على موقف وجد نفسه فيه – عن حق، أو بغير حق- ولئن كانت السمة الموحدة لهذا الهجوم أنه صادر من زملاء محترمين خدموا سنين في قناة الموريتانية، وقد يـُخيل للبعض أنهم أدرى بشعابها – كما يفترض- إلا أن المراقب من الخارج مثلي تتبادر إلى ذهنه أسئلة ملحة، ويستنتج خلاصات معينة، وقبل أن أتناول ذلك تفصيلا، أود أن أشير إلى نقطتين هامتين:

 الأولى: أنني أكن كل التقدير والاحترام للزملاء في قناة الموريتانية، السابقين، والحاليين، بغض النظر عن موقفهم من مديرتهم، ومدى أحقية ذلك الموقف من عدمها.

الثانية: أنني شخصيا لست ممن تربطه علاقات وطيدة بالسيدة مديرة الموريتانية، وإن كنت أتشرف بتلك العلاقة بصفتها تدير مؤسسة إعلامية كبيرة، ونتقاسم معها ميدان العمل، ومجال الاهتمام.

صحوة ضمير متأخرة..

لنفترض جدلا أن كل ما ينشره المغاضبون من "الموريتانية" هذه الأيام من مساوئ صحيح بالكامل، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه..طيب لماذا سكت هؤلاء على هذا المنكر طوال عشر سنين، وبعضهم تجاوز تلك الفترة عاملا في التلفزة، وقرروا فجأة في هذا التوقيت تغيير هذا المنكر، وفضح تلك الممارسات التي عايشوها ردحا من الزمن، وسايروها، وتعاملوا معها دون أن ينبسوا ببنت شفة..؟؟ أولا يعتبر تحركهم بعد أن وجدوا أنفسهم مهمشين ردة فعل على واقعهم أكثر منها انتصارا للحق، أو تغييرا للمنكر ؟؟ّ.

الأهداف، والاستهداف...

من الملاحظ أن حديث البعض عن الفساد داخل قناة الموريتانية سرعانما ينقلب حديثا عن مديرتها بنت الشيخاني حصرا، ويبدو واضحا أن الهدف ليس مؤسسة الموريتانية، وإنارة الرأي العام حول واقعها، بل الهدف على ما يبدو هو تشويه صورة، وسيرة مديرتها، والدليل على ذلك هو تجاهل واقع القناة قبل أن تتولى هي إدارتها قبل سنوات قليلة، والمؤسسة موجودة منذ أكثر من ثلاثين سنة، وتعاقب على إدارتها جمع من المديرين الرجال، وهي السيدة الوحيدة من بينهم، فهل يعقل أن جميع هؤلاء المديرين "ملائكة" باستثناء بنت الشيخاني ؟؟ أين هي التراكمات التي هي السبب الأكبر لمعظم ما تعانيه القناة من مشاكل، ومن المسؤول عنها.. ولماذا لا تتم الإشارة إليه ولو عرضا؟؟؟!.

التصحيح، أم التجريح..

في إطار التسليم دائما جدلا بصحة ما ينشره هؤلاء عن "الموريتانية"، فما علاقة ذلك بالصفات الخلقية، والخـُلقية للمديرة.. ما علاقة لباسها المحتشم، وسجيتها الطيبة بالفساد في القناة..؟ وبعضهم أسهب في ذلك، ناسيا أنه امتدح بنت الشيخاني من حيث أراد تشويهها، ولعله من باب المدح بما يشبه الذم، وهو مبحث بلاغي معروف، يقول جل من قائل (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين) صدق الله العظيم. لنفترض أن مغاضبي "الموريتانية" لا يريدن الخيار الثاني، وهو الصبر، والحصول على تلك "الخيرية" التي وعد الله بها في الآية الكريمة، وفضلوا الخيار الثاني، وهو الانتقام، أو القصاص، أو حتى الدفاع عن المصالح، ما كان عليهم في هذه الحالة تجاوز الأطر المسموح بها أخلاقيا في ذلك، فالمصلحة الشخصية، أو الظهور على الشاشة لا يبرر الوقوع في أعراض الناس، وإغداق كل أوصاف الشر عليهم، ونعتهم بكل قبيح، حتى ليخيل للقارئ أنهم خرجوا من دائرة الإنسانية إلى البهيمية..!!

قد نتفهم غضب البعض لفقد بعض الامتيازات الخاصة، وهذه غريزة بشرية فينا جميعا، ولكن .. على رسلكم أيها الزملاء الأعزاء، لا تنسوا أخلاق مجتمعكم، ومبادئ دينكم، ثم اعلموا – رحمني الله وإياكم- أن الشتائم لا تـُقيل مديرا، وحملات التشويه لا تغير واقعا، فما هكذا  يكون أسلوب المطالبة بالحقوق، أو السعي للإصلاح.

الغائب مع حجته...

إن من يقرأ ما ينشره البعض هذه الأيام من غسيل من داخل "الموريتانية" ينتابه شعور متنام، بل اعتقاد راسخ بأنه لا مجال لإصلاح هذه القناة إلا بإرسال مديرتها إلى محكمة العدل السامية في لاهاي، وتعيين أحد هؤلاء المغاضبين مديرا لها، والآخر مديرا للأخبار، والثالث مديرا ماليا وإداريا، وإلا فإن القناة ستسير من سيئ إلى أسوأ...! مهما حاول البعض ترسيخ هذا الاعتقاد، وأنفق الوقت، والجهد، وأسال الحبر في إثباته، فإن حجته تبقى داحضة لسبب بسيط وهو أنه " لا يصدق أحد على دعواه ولو كان عمر" ويقول المثل الشعبي عندنا:" حجتك زينه يلو سلكت من حجة صاحبك" فالمتلقي سيظل بحاجة للاطلاع على وجهة النظر الأخرى قبل أن يصدق ما يتم نشره مهما اجتهد أصحابه في تأكيده.

ليت غيركم قالها...

من الأسئلة الحائرة التي تتبادر إلى الأذهان – ونحن نتابع فصول ما ينشر من موبقات عن الموريتانية- لماذا لم ينتبه لهذا الخطر الداهم على القناة سوى بضعة أشخاص من بين المئات من موظفي، وعمال القناة ؟؟؟ هل أولئك المئات من الموظفين مشاركون في هذا الفساد، والإفساد، وشركاء في الإثم، والجرم، ولو من باب الساكت عن الحق شيطان أخرس، أم أن هؤلاء لا تعنيهم مصلحة القناة، بعكس "المغاضبين" ؟؟؟!!!.

لقد تابعت باهتمام كلما كتبه الزملاء من مساوئ عن مؤسستهم السابقة، ومديرتهم، وآثرت التريث قبل أن أبدي رأيي حول الموضوع، وذلك لسببين، أحدهما أعلم أنني لن أحصل عليه، وهو "البراءة" من تهمة العمالة للمديرة، والكتابة باسمها، فنحن في بلد المعارض فيه شريف، والموالي عميل، ومن يشتم المسؤولين فهو وطني، ومن ينصفهم فهو خائن لوطنه، أما السبب الثاني الذي جعلني أتريث قبل أن أدلي بدلوي فهو الأمل في أن يخرج "مـُغاضبو الموريتانية" كلما في جعبتهم، لعلنا نعثر على ما يصدق ما ذهبوا إليه، ولكن يبدو أنها مجرد سيمفونية واحدة موحدة يتم عزفها باستمرار، وإن اختلفت الأوتار، وتعددت العناوين، فلا جديد يذكر، ولا قديم يعاد.

 

لا يهمني أن يتهمني البعض بالدفاع عن السيدة بنت الشيخاني، بالرغم من أن الدفاع عن النساء كان ولا يزال محمدة في مجتمعنا، ودليل رجولة، وشهامة، وإباء، بعكس مهاجمتهن، والاسترسال في تتبع عوراتهن حتى ولو كن محتشمات ولا يتخلين عن البـُرقع.

الشيخ التراد ولد الشيخ.

PLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMIT