منذ وصوله إلى السلطة ظل الرئيس محمد ولد عبد العزيز يتخذ موقفا مناهضا للفنانين، والأدباء، والشعراء، وقرر ولد عبد العزيز إلغاء الحفلات، والسهرات الغنائية التي كانت تصاحب زيارة رئيس الجمهورية في زمن ولد الطايع، واعتبر ولد عبد العزيز ذلك نوعا من النفاق، وهدر المال العام، والبطش، ولم يفوت ولد عبد العزيز فرصة إلا وسخر من الأدباء، والشعراء، تصريحا، أو تلميحا، حيث اعتبرهم في أكثر من خرجة إعلامية سبب تخلف البلد، وتدهور منظومته التعليمية، وانهيار اقتصاده، ودعا الجميع للتوجه لدراسة العلوم بدل دراسة الآداب، وقد أثارت هذه التصريحات غضب الشعراء، وألهبت قرائحهم، فقرضوا شعرا ضد ولد عبد العزيز بسبب هذه المواقف.
أما الفنانين، فباتوا في موقف لا يحسدون عليه، وأصيبت بضاعتهم بالكساد، ولم يعد معظم الفنانين قادرا على توفير قوته اليومي من مهنة كانت بالأمس القريب تدر على أصحابها الملايين في ليلة واحدة، وانقسم الفنانون بين من اعتزل الفن نهائيا لعدم جدوائيته، ومن تفرغ للأذان في المساجد، ومن قرر الهجرة إلى الخارج، كما فعل الفنان اعل سالم ولد اعليه، وفرقة أولاد لبلاد، وغيرهم، وقد وجد معارضو ولد عبد العزيز في موقفه من الفنانين، والأدباء فرصتهم، واحتضنوهم، ومولوهم، وباتوا يستخدمون إنتاجهم الفني، والأدبي ضد ولد عبد العزيز (الأديب ولد امصيدف، فرقة أولاد لبلاد، المعلومة بنت الميداح نموذجا).
لكن يبدو أن ضرورة تمرير التعديلات الدستورية، وربما مقتضيات المأمورية الثالثة، فرضت على ولد عبد العزيز تغيير موقفه من الفنانين، والأدباء فجأة، وظهر ذلك جليا في حفل افتتاح الحملة الممهدة للاستفتاء بملعب ملح، حيث ظهرت أعداد الفنانين، والشعراء على المنصة الرسمية أكثر من أعداد المسؤولين، والسياسيين، واستمع ولد عبد العزيز – ربما لأول مرة عن قرب- للأغاني، واستمتع ب"آزاي" وشنف أذنيه بقصائد من الشعر الحساني تمجده، وتؤكد التمسك به كقائد وحيد، وأوحد لموريتانيا، وجاءت تلك الحفلة تقريبا نسخة طبق الأصل من حفلات ولد الطايع.
أوساط الفنانين استبشرت خيرا بهذا التحول في موقف الرئيس ولد عبد العزيز من الفنانين، ودورهم، ويأمل الفنانون أن يكون التحول جذريا، وألا يكون تكتيكا تمليه الحملة الانتخابية، وسينتهي بانتهائها، ليعود الفنانون إلى مربعهم الأول.