نحو عقد من الزمن أمضاه الرئيس محمد ولد عبد العزيز حتى الآن مـُمسكا بزمام السلطة في البلد، عشر سنوات هي فترة أكثر من كافية لتقييم حصيلة نظام ولد عبد العزيز في مختلف المجالات، لكن أي تقييم موضوعي يصطدم بعائقين اثنين، الأول صعوبة الاطلاع على ما أنجزه هذا النظام في جميع قطاعات الدولة، وخلال عشر سنوات، والثاني أن بعض ما يعتبره ولد عبد العزيز إنجازا لنظامه قد يعتبره خصومه كارثة على البلاد والعباد، لذلك سنتوقف عند بعض الإنجازات التي قد تكون محل إجماع من معارضي الرجل، ومناصريه، ولا يختلف اثنان على أهميتها للبلد.
الجيش، والأمن..
مع تسلمه السلطة، وجد ولد عبد العزيز الجيش الوطني في وضعية مأساوية، في كل المجالات، الجنود في حالة مادية، ومعنوية مزرية، والضباط محبطون بفعل انعدام الإمكانات اللوجستية لدى الجيش، وخلال سنوات قليلة، استطاع ولد عبد العزيز بناء جيش وطني مهني، يمتلك من العــُدة، والعتاد ما يجعله مؤهلا للتدخل خلال دقائق في أي نقطة من التراب الوطني، فضلا عن العناية بالعنصر البشري للجيش الوطني، تلك العناية التي شملت مرحلة الطفولة (إنشاء الثانوية العسكرية) ومرحلة التكوين (إنشاء مدارس مهنية عسكرية متخصصة في كل من أطار، وانواكشوط) ومرحلة القيادة (إنشاء قيادات ثلاث للجيوش: برية، جوية، وبحرية) فضلا عن ترقية عشرات الضباط، بعد سنوات من التهميش، والإهمال من طرف القيادة السياسية.
وعلى مستوى الأجهزة الأمنية، أنشأ ولد عبد العزيز جهازا أمنيا خاصا بتأمين الطرق، والسهر على ضبط، وتنظيم حركة السير، وهو التجمع العام لأمن الطرق، الذي شكل إنشاؤه أملا للآلاف من الشباب العاطلين عن العمل، وتمت العناية كذلك بأجهزة: الدرك، والحرس، والشرطة، وتم ضخ دماء جديدة باكتتابات بالآلاف في هذه القطاعات، واستفادت كلها من التكوين اللازم، حتى باتت تمتلك وحدات متخصصة في محاربة الإرهاب، والجريمة، والتعامل مع الاضطرابات، والفوضى، وباتت تتوفر على معدات حديثة تمكنها من أداء عملها بكل اقتدار، بعد أن كانت تعاني من تهالك العتاد، واهتراء الكادر البشري.
البنية التحتية، والتنمية..
تعتبر البنية التحتية – بمفهومها الشامل- مسألة ضرورية، وأولوية لأي تنمية يـُراد تحقيقها في أي بلد، فلا يمكن إيجاد تنمية بدون بنية تحتية شاملة، فأي بلد لا يمتلك مطارات، وموانئ حديثة، وشبكة طرق عصرية، وكهرباء، ومستشفيات، لا يمكنه تحقيق أي خطوة في اتجاه التنمية، لذلك جعل ولد عبد العزيز من البنية التحتية الشاملة هدفا أساسيا له منذ وصوله السلطة، وتجسد ذلك في: إنشاء مطار أم التونسي الدولي، الذي أشادت به المعارضة قبل الموالاة، وتوسعة، وتحديث ميناء الصداقة في انواكشوط، وإنشاء موانئ جديدة، وترميم، وتطوير المطارات الداخلية، فضلا عن تشييد آلاف الكيلومترات من الطرق الحديثة، في انواكشوط، والولايات الداخلية، ولأول مرة سيتم ربط ازويرات بانواكشوط، بعد أن ظلت منذ الاستقلال ركنا قصيا منسيا من الوطن، وسيتم ربط أطار بتجكجه كذلك، وفي المجال الصحي، شهدت البلاد إنشاء مستشفيات كبيرة، ولأول مرة تم إنشاء مستشفيات متخصصة في البلد (مركز الأنكولوجيا، مستشفى الأمومة والطفولة، معهد الفيروسات والكبد..الخ) فضلا عن مستشفى الصداقة، الذي تم إنشاؤه في قلب الأحياء الشعبية، في أكثر مقاطعات العاصمة كثافة سكانية، لتقريب الخدمة الصحية من المواطنين، كما تم إنشاء مستشفيات كبيرة في الداخل، في كل من كيفه، وانواذيبو، وبوكي، والنعمه – قيد الإنجاز- وفي البنية التحتية الصناعية، تم إنشاء عدة وحدات صناعية، لكن مصنع النعمه للألبان يبقى الأبرز في هذا المجال، فلأول مرة بات الموريتانيون يستهلكون مـُنتجا وطنيا بالكامل، ولا بد هنا من الإشارة إلى القضاء على الأحياء العشوائية "الكزرة" واستصلاح مئات الآلاف من القطع الأرضية، وتوزيعها على عشرات آلاف الأسر، التي ظلت لعقود تعيش في أكواخ لا تصلح ليعيش فيها الدجاج، وباتت أحياء الترحيل تشكل "انواكشوط جديدة بالفعل".
الإدارة، والحكم الرشيد..
في مجال تحسين الإدارة، وترشيد الموارد، ومحاربة الفساد، حقق ولد عبد العزيز قفزات نوعية، سنتوقف عند بعضها، ولعل أبرز ذلك إنشاء الوكالة الوطنية لسجل السكان والوثائق المؤمنة، حيث باتت الوثائق المدنية مضبوطة بشكل دقيق، وباتت موريتانيا تعرف مواطنيها، والمقيمين على أراضيها، والداخلين، والخارجين منها، ولم تعد جنسية البلد، ولا بطاقة تعريفه، أو جواز سفره سلعة رخيصة يمكن لأي أجنبي الحصول عليها، حتى بات البعض يقول إنه لو لم يكن لولد عبد العزيز من الإنجازات غير هذا لكفاه، كما أحدث ولد عبد العزيز ثورة في أسلوب الإدارة، وطريقة التعامل مع تسيير الشأن العام، والمال العام، وأصبح للدولة هيبتها، وبات المواطن البسيط القادم من الأحياء الشعبية، يشارك في مسابقة للضباط، أو الأساتذة، أو الممرضين، وينجح بكفاءته دون الحاجة لوساطة من أحد، هذا فضلا عن فتح باب الحريات الفردية، والجماعية دون قيود، حتى باتت موريتانيا تتصدر محيطها العربي، والإفريقي في هذا المجال.
قد يقول البعض من المعارضين إن هذه الإنجازات غير كافية، أو أنه كان بالإمكان أفضل مما كان، ولكن لا أحد يمكنه القول إن هذه الإنجازات لم تحصل في موريتانيا خلال السنوات الماضية من حكم ولد عبد العزيز، أو يقلل من أهميتها على الوطن، والمواطن.