الشمس هنا حارقة كأن وهجها يخترق صفائح الأرض، إنها تنضح هذا الأديم الداكن بنبال أشعتها بضراوة..يبدو أنها لا تشفق على مواطني القاع الذين يستنشقون الهواء المختلط هواء القرن الواحد والعشرين.
فخامة الرئيس أرجوك أن تعطي القليل من وقتكم الثمين لتعيد تمثيل جريمة المواطنة البسيطة، أعرف أنه لا وقت لديكم لذلك، فالمشاغل جمة والصور التي تصلكم غائمة تماما "كصورتي"، نحن لا نطلب منكم في هذه المرحلة سوى النظر إلى السفح دون أن تكون أمامكم زجاجة مظللة لتكتشفوا ما في مقياس سرعة المواطن وهو يعدو بين جيبه ومرجل أسرته، وكيف أن المسافة بين ذلك الجيب والمرجل طويلة جدا، وكيف أن حركة المواطن بطيئة جدا.
فخامة الرئيس إن من أقنعكم-أن فصل الربيع قد حل بالوطن وأن الأزهار يانعة الأمل يرقص طربا لصفير عصافير الرخاء في حديقة النمو-يريد أن يسجل بكرة طمعه هدفا في شباك كرمكم، أكبر ضغط يوجد اليوم في بلادنا يقع على أحذية الفقراء لأنهم الجزئية الوحيدة التي لا ترتاح أبدا.
فخامة الرئيس كثير من المواطنين يكابرون على حالهم؛ إنهم مكبلون بقيود قيمهم التي تكبح جماح إظهار البؤس والحاجة لغير الله، ولذلك هم في حاجة دائما لمن "يقول" بالنيابة عنهم، لن أقلل من شأن المنتخبين وغيرهم ولكن عجز المواطن عن شراء الغاز، والأرز، والخضروات، والأدوية "المتاحة"، والدفاتر والكتب، والملابس أمور لا يختنق بغبارها أو يكتوي بلهيبها إلا من بات جوعا واكتسى ظلاما وافترش أرضا والتحف سماء وتفطر قلبه على أبنائه وهم يبحثون عن البسمة بين الجدران الخربة والأخبية البالية.
فخامة الرئيس لا تنتظر ممن يتغدى بأرز "بسمة+كربين" أن ينقل لك حال من يتغدى ب "مارو لبيظ+ 0"، ولا تتوقع ممن ينام وروحه تمتزج برطوبة المكيف أن ينقل لك حال من يقضي يومه وليله سيرا "على قدميه"بحثا عن خباء يقيه لفح "إريف لحمر" لا تتوقع ذلك؛ فكل إناء...إلخ.
أعرف أنني قد أطلت كثيرا، لكن تشخيص نسبة 0.1 من حال المواطنين الفقراء يتطلب كتابا وكاتبا وليس تدوينة ناقصة الملح كهذه.
أرجو أن تصلكم يفخامة الرئيس لتقرأها أو يحملها إليكم أحد أسراب الرياح الصحراوية الهائجة، وتصلكم كما وصلكم نبأ فوزكم بمأمورية ثانية.
وتقبلوا في الأخير أسمى عبارات الإحترام والتقدير والسلام عليكم ورحمة الله.
الشيخ سيدي محمد ولد ازوين، مواطن موريتاني.
حرر بامبود بتاريخ 22/10/2017.
دمتم بخير.
من صفحة الشيخ سيدي محمد ولد ازوين على فيسبوك.