منذ وصوله إلى سدة الحكم قبل نحو عشر سنوات، قرر الرئيس محمد ولد عبد العزيز شن حرب لا هوادة فيها على الفساد بمختلف مظاهره، خاصة الزبونية، والمحسوبية، والوساطة، وحاول ولد عبد العزيز تكريس مبدأ تكافؤ الفرص، والنفاذ المتساوي للمواطنين إلى الخدمات، وأعاد الرجل الاعتبار لهيبة الدولة، لكن المفارقة أن أقرب مقربي ولد عبد العزيز في قصره الرئاسي يضربون عرض الحائط بهذه المبادئ، وتلك السياسة، حيث يعتبر القصر الرئاسي من أكثر المرافق العمومية انتشارا للمحسوبية، والزبونية، فضلا عن أداء الطاقم الرئاسي السيء، سياسيا، وإعلاميا، وإداريا، والمخالفات الواضحة للقوانين، والمساطر المعمول بها من قبل الطاقم الرئاسي.
ومن أكثر تجليات الفساد وضوحا في ديوان الرئيس، قيام الديوان بإصدار بطاقات صحفية لتغطية أنشطة الرئيس، وزياراته، وهي البطاقات التي لا تساوي الحبر الذي كتبت به، وتضرب بها أول سلطة تصادفها عرض الحائط، بل ويقول لك الجميع إنهم لا يعترفون بما يصدره القصر الرئاسي من بطاقات، ووثائق، وكأنها صادرة عن مؤسسة المعارضة الديمقراطية، أو المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، في تحد صارخ لهيبة أهم مؤسسة رسمية في الدولة، وكأن الجميع يدرك أن الهدف من إعداد تلك البطاقات من طرف الرئاسة هو فقط اتخاذها مبررا لصرف بعض الأموال، وليس تسهيلا لمهمة حامليها!!.
كما تضرب الزبونية، والمحسوبية أطنابها بديوان رئيس الجمهورية، حيث يتم منح امتيازات مرافقة الرئيس في زياراته للداخل لأشخاص بعينهم، بناء على اتصال من هذا الجنرال، أو توصية من ذاك المسؤول السامي، ومن يحصل على تلك "الوساطة" يحجز مكانه دائما في قائمة وفد الرئيس، أما من ينتظر دوره، ويهمل عامل الوساطة فلن يجد نفسه ضمن المدعوين، فلا تكافؤ للفرص، ولا احترام لمعايير شفافة، ولا تطبيق لقيم الإنصاف، كل هذه التصرفات من ديوان رئيس الجمهورية يرى المراقبون أنها تضرب مصداقية الرجل في مقتل، وتضر بصورته لدى شعبه، فديوان ولد عبد العزيز يهدم باستمرا ما يبنيه الرئيس، وحكومته من رصيد معنوي، وشعبي، ويستغرب المراقبون تمسك ولد عبد العزيز بفريق القصر الرئاسي، رغم كونه يعتبر الأفشل منذ وصول الرجل للسلطة، فمدير الديوان منبوذ سياسيا، وشعبيا، والمستشار الإعلامي يــُذكر ولا يرى، ومدير التشريفات لا يفقه في البروتوكول إلا القدر الذي يحرجه، ولعل الفضيحة التي حدثت خلال تدشين رئيس الجمهورية ظهر اليوم لمحظة لتوزيع الأسماك في كيهيدي آخر مثال على فشل ديوان الرئيس، وتشريفاته.