موريتانيا: المعارضة بما يشبه الموالاة (ولد امين نموذجا)

ولد امين خلال حفل مساء اليومولد امين خلال حفل مساء اليوم

تعرف معظم الديمقراطيات في العالم أنماطا من الانتماءات السياسية، والتصنيفات، أبرزها: المعارضة، والموالاة، واليسار، واليمين، لكن في موريتانيا تفتقت قرائح السياسيين عن أنماط حديثة العهد على الحياة الديمقراطية، أحزاب لا هي معارضة فتنتقد النظام بصراحة، ولا هي من الأغلبية فتدافع عنه بوضوح، أحزاب، وشخصيات خرجت من رحم أحزاب معارضة عريقة، مثل تكتل القوى الديمقراطية، واختارت لنفسها - أو اختير لها- أن ترفع يافطة المعارضة، لكنها في الحقيقة معارضة بما يشبه الموالاة، على نمط المدح بما يشبه الذم عند أهل البلاغة.

الدكتور يعقوب ولد امين، أستاذ جامعي بارز، وسليل أسرة محترمة ومرموقة، وقد اشتـُهر بنزعته الحادة في معارضة النظام، ومن يعود إلى يوتيوب يجد الفيديوهات التي توثق ذلك، بل ويجد الرجل يعارض في البرلمان حد البكاء، في جلسات شهيرة تم بثها على التلفزيون، ولعل آخر من كان يـُظن به مهادنة النظام، والارتماء في أحضانه - بشكل مباشر، أو غير مباشر- هو الدكتور يعقوب ولد امين، لكن الرجل فعلها، وقرر الانشقاق عن حزبه الأم "التكتل" لا لذنب اقترفه التكتليون، بل "لحاجة في نفس يعقوب"، الذي سرعانما اتضح ميله للنظام، وقد تكررت لقاءاته بالرئيس محمد ولد عبد العزيز، وتجسد دعم النظام له في سرعة ترخيص حزبه التحالف الوطني الديمقراطي، وفي مواقف هذا الحزب لاحقا، وتصريحات رئيسه، والتي صبت كلها في خدمة أجندة النظام من موقع المعارضة الشكلية، ويـُنقل عن ولد عبد العزيز قوله إنه أمر بعض الأحزاب، والشخصيات بأن تبقى في صف المعارضة، فذلك أكثر فائدة للنظام من إعلانها الدعم بشكل مباشر.

لا أحد ينكر أن يعقوب ولد امين يتمتع بمؤهلات علمية، تخرج حزبه من دائرة أحزاب الأميين، وبمكانة اجتماعية تخرج الحزب من دائرة أحزاب الكرتون، ولديه تجربة سياسية تجعله خارج دائرة أحزاب الهـُواة السياسيين، لكن ولد امين - برأي المراقبين- دمر كل تلك المكتسبات، وحول نقاط قوته إلى عوامل ضعف، عندما اختار أن يحشر حزبه في دائرة منزلة بين المنزلتين، فتحول منديلا في يد النظام سيستغله، حتى ينتهي دوره، ثم يرميه، ويتساءل البعض ما الذي يمنع يعقوب ولد امين من تبني الخطاب الذي كان يرفعه عندما كان نائبا برلمانيا عن حزب التكتل..؟؟، هل إن ولد امين لم يكن مقتنعا بما يقولها حينها، أم أنه بدل قناعاته، وتحول النظام في نظره  بين عشية وضحاها..؟؟؟!!

البعض يرى أن ولد أمين كان سيكسب شعبية أكثر لو أنه كان وفيا لمبادئه، وقناعاته الأولى، المنحازة لحقوق المواطنين، المعبرة عنها دون مواربة، كما أن تهم القبلية، بل وحتى العائلية، والجهوية تلاحق حزب ولد امين، ومعلوم أن الأحزاب القبلية، والجهوية لا مستقبل لها، فالحزب السياسي مشروع وطني جامع، أو لا يكون، فأي شاطئ سترسو عليه سفينة ولد امين، وحزبه.

PLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMIT