تأكيدا لكل ما تم تداوله منذ أشهر، أمر الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز رئيس الحزب الحاكم الأستاذ سيدي محمد ولد محم بإبلاغ نواب أحزاب الأغلبية بضرورة التصويت بالإجماع لنائب ازويرات، والصديق الشخصي للرئيس الشيخ أحمد بايه، وجاء القرار ليقطع الشك باليقين، وليقرب ولد بايه خطوة من رئاسة الجمهورية، فالدستور - بطبعته الجديدة- يمنح صلاحيات رئيس الجمهورية لرئيس الجمعية الوطنية في حال شغور منصب الرئيس لأي سبب، ورغم اعتقاد الكثيرين بأن ولد عبد العزيز سيعمد إلى ترشيح قائد أركان الجيوش الفريق محمد ولد الغزواني بعد تقاعده خلال أسابيع، إلا أن العارفين بخبايا المشهد السياسي يؤكدون أن ولد بايه سيتولى رئاسة البلاد، إما عن طريق ترشيحه من قبل ولد عبد العزيز في الانتخابات الرئاسية السنة المقبلة، أو عن طريق استقالة ولد عبد العزيز ليتولى ولد بايه تلقائيا منصب رئيس الجمهورية بموجب الدستور، وهو ما يؤكد إصرار ولد عبد العزيز على تولي الرجل شخصيا رئاسة البرلمان رغم كل الاعتراضات.
المراقبون يؤكدون أن ولد عبد العزيز يفضل بكثير ترشيح صديقه الشخصي ولد بايه للرئاسة في حال تعذر سيناريو المأمورية الثالثة، لكن ولد عبد العزيز يدرك صعوبة -إلم نقل استحالة- حصول ولد بايه على أغلبية في الانتخابات الرئاسية، نظرا لكون ولايات الكثافة الانتخابية لا تدين بالولاء لولد بايه، ولن تصوت له، وهو ما يجعل ترشيحه مجازفة غير محسوبة، قد تستغلها المعارضة لاقتناص منصب رئيس الجمهورية في حال دفعت بمرشح قوي ينتمي لمناطق الشرق، ويحظى بقدر من الإجماع، لذلك فإن ترشيح قائد أركان الجيوش للرئاسة سيكون أقل الخيارات المتاحة سوء، وليس أفضلها، بالنسبة لولد عبد العزيز، لأنه من الناحية النفسية سينقل منصب رئيس الجمهورية من منطقة الشمال التي ظلت تحتكره لعقود، ويرى مراقبون أن مناطق الشرق إذا حصلت على رئاسة الجمهورية لن يكون من السهل انتزاع هذا المنصب منها مرة أخرى، وهي حقيقة يدركها ولد عبد العزيز، والمحيطين به جيدا.
وبغض النظر عن ما إن كان ولد بايه سيدخل قصر الرئاسة رئيسا مؤقتا، أو منتخبا أم لا، فإن مجرد انتخابه رئيسا للبرلمان سيخلق صدمة، وخيبة في معسكر الوزير الأول يحي ولد حدمين، وفي جميع الحالات، فحتى لو أعاد ولد عبد العزيز تكليف ولد حدمين بتشكيل الحكومة من جديد، سيجد نفسه مضطرا للتعامل مع رئيس برلمان قوي، يتمتع بثقة خاصة لدى رئيس الجمهورية، ولا يطيق العمل مع ولد حدمين، ما يعني أن البلاد ستدخل مرحلة من الصدام الصامت بين رئيس الحكومة، ورئيس البرلمان، أما إذا أقال ولد عبد العزيز ولد حدمين من رئاسة الحكومة فإن الأمر سيكون أكثر كارثية بالنسبة لرجل تربع خمس سنوات على رأس الحكومة، وقبلها سبع سنوات على أهم وزارة وأكبرها ميزانية، لكن ولد حدمين يبدو أنه استعد لهذا الاحتمال، وكون كتلة في البرلمان تدين له بالولاء، وقد يستخدمها عند الحاجة ضد ولد بايه، وحتى ضد ولد عبد العزيز.