قضايا الحقوق في موريتانيا، من التهويل إلى التدويل !

بدأت جهات حقوقية، وسياسية في موريتانيا الدعوة لتدويل القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان، والتلويح بطرح ملفاتها أمام القضاء الدولي، لكن هؤلاء "المدولين" يتجاهلون حقائق عامة تتعلق بتاريخ الملفات التي تم تدويلها في أي بلد، وخصوصية المجتمع الموريتاني، فالتدويل لم يقدم حلا لأي قضية عبر العالم، بل إن التدويل كان دائما ذريعة لتدخل أياد خارجية للعبث باستقرار البلدان، وتسخير قضاياها الداخلية لخدمة تلك الجهات الخارجية (دولا، ومنظمات)، فالتجارب أثبتت أن الحلول التي يـُكتب لها النجاح هي تلك النابعة من الداخل، والوليدة لتصالح مع الذات، وتعاون بين الجميع، لتحقيق العدالة، والإنصاف، وجبر الضرر، بعيدا عن الانتقام، والإقصاء، والتعدي على حقوق الناس.

الملاحظ أن من يسعون اليوم لـ"التدويل"، ويلوحون به، هم أنفسهم من ما رسوا "التهويل" سابقا، فقد ضخموا، وهولوا قضايا الإرث الإنساني، ونكؤوا جراح الماضي، وتجاهلوا الخطوات التي اتخذتها الدولة لإنصاف مواطنيها من ضحايا الماضي، وتجاهلوا اعتراف الضحايا بحصولهم على العدالة، فهؤلاء المهولين، المدولين يتباكون نيابة عن الآخرين، ويسعون للتأزيم، لا للحل، لأنهم ببساطة لا يمكن أن يحققوا مصالحهم الشخصية بالمتاجرة بهذه القضايا إلا بتأزيمها، وتضخيمها، واليوم يحاولون تدويلها.

من صفحة: الأستاذ سعدبوه الشيخ محمد.

كما يتجاهل هؤلاء طبيعة المجتمع الموريتاني، الذي هو كالأسرة الواحدة، والقضايا الوطنية بطبيعتها عصية على التدويل، فالموريتانيون يتابعون النتائج الوخيمة التي آلت إليها القضايا التي تم تدويلها في العالم العربي، والإسلامي بحجة حقوق الإنسان، والأقليات، ، ولعل أوضح مثال على ذلك قضية دارفور، وجنوب السودان، عندما تدخلت جهات خارجية لتقسيم السودان، وتأسيس دولة جديدة للجنوبيين، وبعد أن نجح المخطط، انسحبت تلك الأيادي الخارجية، وتركت الجنوبيين في فقر، وحرب، ومرض، وباتوا يترحمون على أيامهم ضمن الدولة السودانية الأم، فالجهات الخارجية تحركها مصالحها، ورغبتها في خلق نقاط ضغط على الأنظمة بحجة حقوق الإنسان لتنفيذ أجندتها.

ثم من قال إن من يتصدرون اليوم الحراك الحقوقي باسم هذه الشريحة، أو تلك يمثلون فعلا غالبية المنتمين إليها..؟ هل بيرام مثلا يمثل غالبية لحراطين في موريتانيا،؟؟، إذا كان الجواب بنعم، فلماذا لا نشهد معه سوى بضع عشرات، معظمهم من أقاربه، ومحيطه الاجتماعي، والمستفيدين منه ماديا..؟؟، ولماذا لم يرفع بيرام، وغيره من دعاة الحقوق شعار الدفاع عنها قبل سنة 2009، هل كانت موريتانيا قبل هذا التاريخ جنة الله في أرضه، وبعد 2009 تحولت إلى بلد تنتشر فيه العبودية، وانتهاك الحقوق ؟؟!!.

إن المتابع لمسار هذه القضية يلاحظ مفارقة غريبة، فعندما كانت الأنظمة السابقة تتجاهل قضايا الإرث الإنساني، ولا تتحدث عنه، لم يكن بيرام، ولا غيره يطالب بحقوق، ولا مساواة، وعندما بدأ نظام ولد عبد العزيز التصدي لتلك المظالم التاريخية، وأنشأ وكالة بحجم وزارة مخصصة للتمييز الإيجابي لضحايا الاسترقاق، وجرم هذه الظاهرة المقيتة، وأنشأ محاكم مختصة بمحاكمة مرتكبيها، حينها تذكر البعض أن موريتانيا بلد استعبادي !!.

من صفحة الأستاذ: سعدبوه الشيخ محمد.

PLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMIT