أعلن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية قبل أيام عن مسيرة وطنية جامعة ضد خطاب العنصرية، وللدعوة للتمسك بالوحدة الوطنية، ولفت انتباه الشعب إلى خطر خطابات الفرقة، والعنصرية، وهي فكرة رائدة تلقفها الجميع، ووجه الحزب الحاكم دعوات لأحزاب المعارضة للمشاركة في المسيرة باعتبارها تسعى لهدف يتفق الجميع على أهميته، وكانت ردود الفعل إيجابية في المجمل، وشكل الحزب الحاكم لجانا للتحضير للمسيرة الكبرى، والأولى من نوعها في البلد، ومساء أمس أعلنت الوزارة الأولى أن المسيرة ستكون بحضور، وإشراف رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز، وحددت الحكومة موعدها، ومكانها.
هذا، وكان لافتا أن اللجان الفرعية التي تم تشكيلها للتحضيرة للمسيرة كل لجنة منها تضم عضوا في اتحاد أرباب العمل الموريتانيينن وهو ما يطرح السؤال حول الدور الذي يمكن أن يلعبه رجال الأعمال في نشاط سياسي من هذا القبيل، فرجال الأعمال يديرون شركات، ويتعاملون بمنطق الربح، والخسارة، وليسوا متطوعين في جمعيات خيرية، وهو ما يجعل البعض يطالب بترك رجال الأعمال - على الأقل اتحاد أرباب العمال الموريتانييين كهيئة رسمية- بعيدا عن الساحة السياسية، باعتبارها هيئة وطنية تضم أبرز رجال أعمال موريتانيا، بمعارضيهم، ومواليهم، مع منح الحرية لرجال الأعمال للتصرف بشكل شخصي، وباعتبار أن العلاقة بين رجال الأعمال، والسلطة دائما هي محل جدل، فرجال الأعمال يمولون عادة حملات السياسيين، ويدعمون النظام الحاكم أيا كانت طبيعته حفاظا على مصالحهم في الدولة، وليس دفاعا عن قيم، ومـُثل وطنية جامعة، فتفكير رجل الأعمال يختلف جذريا عن تفكير الفقير.
منذ وصول زين العابدين الشيخ احمد لرئاسة اتحاد ارباب العمل الموريتانيين تنامى الحضور السياسي لهذه الهيئة بشكل غير مسبوق، فلا يكاد ينظم نشاط سياسي مهم للنظام إلا وكان اتحاد أرباب العمل في طليعته، وتجلى ذلك أكثر في مهرجان الحملة الختامي في انواكشوط، ومعركة عرفات التي خسرها الحزب الحاكم، واليوم يتم الزج بهذا الاتحاد بقوة في المسيرة الوطنية الكبرى المنتظرة بعد أيام، وعندما يتم الحديث عن رجال الأعمال يتم الحديث - بالضرورة- عن التمويل، والعديد من رجال الأعمال يعزفون عن تمويل أنشطة سياسية، بدعوى أن زين العابدين وحده هو المستفيد الأبرز من صفقات النظام، ومشاريعه، وعليه أن يتحمل الجزء الأهم من تمويل الأنشطة السياسية، وتدور نقاشات ساخنة داخل رجال الأعمال حول هذا الموضوع، بينما يحرص زين العابدين على محاولة الجمع بين النقيضين: الحضور السياسي في المشهد، والتقشف في الإنفاق السياسي، واليوم وضعت الحكومة، والحزب الحاكم اتحاد أرباب العمل الموريتانيين أمام تحد حقيقي، بإشراكهم فعليا في تنظيم هذه المسيرة الوطنية، والتي جاءت في توقيت مناسب، واعتبرها المراقبون خطوة ذكية من الحزب الحاكم، والنظام عموما، فهل سينجح رجال الأعمال في رفع هذا التحدي، أم أن خلافاتهم، وحسابات الربح، والخسارة ستطغى على تفكيرهم، ويحجمون عن توميل هذا الحدث الوطني غير المسبوق، خاصة وأن نظام الرئيس ولد عبد العزيز، وحزبه معروفون بعدم استغلال المال العام في أنشطة سياسية مهما كانت طبيعتها، وهو ما يجعل عبء التمويل يقع على عاتق الخصوصيين من رجال الأعمال ؟؟!!.