دعوة للعصيان، والتمرد، واحتلال مبنى البرلمان، وتحريض صريح على الفوضى، أبرز ما حملته رسالة محمد ولد بوعماتو الأخيرة للموريتانيين، في وقت هبوا فيه من أجل تكريس وحدتهم الوطنية، ونبذ العنف، والكراهية، والتمييز، والتطرف، المليونير المقيم في المنفى الاختياري بدا كمن يـُعطي الأوامر الفوقية لتابعيه في الداخل للتحرك، وحدد لهم الهدف، والوسائل، واستنهض هممهم للقيام بثورة شعبية طال انتظارها، واستعصى حصولها، محللون سياسيون تحدثوا ل(الوسط) عن نداء ولد بوعماتو الأخير استغربوا لهجته، خاصة وأن من يدعون لمأمورية رئاسية ثالثة يتحدثون بأسمائهم الشخصية، ولم يصرح الرئيس ولد عبد العزيز، ولا حكومته، ولا حزبه بأنهم يسعون لتلك المأمورية، بل صرح الرئيس أكثر من مرة بأنه سيلتزم بالدستور، فلماذا كل هذا الضجيج، والتحريض على العنف بسبب أمر لم يحصل أصلا ؟؟، أو ليس من حق كل مواطن أن يعبر عن رأيه، وموقفه تجاه أي شخص، أولم يدعو البعض من المعارضين إلى الإطاحة بالرئيس ولد عبد العزيز المنتخب ديمقراطيا، هل كانت تلك الدعوات موافقة للدستور حينها ؟؟، وإذا كان النظام قد سمح للبعض برفع تلك المطالب "غير الدستورية"، فلماذا يـُراد من النظام اليوم أن يقمع مواطنين، ويـُجبرهم على أن يكتموا تعلقهم برئيس يرون أنه أنجز الكثير للبلد ؟؟- يتساءل البعض-.
ثم إن من يطالبون بمأمورية ثالثة للرئيس ولد عبد العزيز، سواء كانوا برلمانيين، أم مواطنين عاديين يسلكون السـُبل الديمقراطفية في التعبير عن مطلبهم، فلماذا يضيق ولد بوعماتو، وغيره ذرعا بذلك، ليدعو الرجل إلى مواجهتهم بأساليب غير ديمقراطية، مثل الفوضى، والعصيان، والاحتلال ؟؟، ثم لمن يوجه ولد بوعماتو دعوته هذه في الداخل الموريتاني ؟؟، فإذا كان الرجل قد فشل في تنفيذ مخططه على 54 شخصا هم أعضاء مجلس الشيوخ، فهل سينجح في تمريره عبر عامة الشعب...؟ ولماذا لم يأت ولد بوعماتو إلى موريتانيا ليقود بنفسه الثورة التي يدعو لها لاحتلال البرلمان، إذا كان فعلا مؤمنا بمبائه، ومستعدا للتضحية من أجلها، أم أنه يتبع مبدأ "اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون" ؟.
أسئلة تبقى مطروحة على المسرح السياسي الموريتاني، في خضم حراك يصاحب مرحلة الربع الأخير من المأمورية الثانية للرئيس محمد ولد عبد العزيز، لكن ما يتجاهله البعض من المعارضين للنظام هو حقيقة أن ولد عبد العزيز استطاع أن يـُنجز للشعب خلال عشر سنوات ما يجعل الناس تتشبث بنهجه، ونظامه، وحتى بشخصه، كما أن الرجل وضع موريتانيا على سكة يصعب - إلم يكن من المستحيل- أن تحيد عنها، وإذا تم الإقرار بذلك، تصبح مسألة بقاء الرجل في الرئاسة، أو تركها ثانوية إلى حد بعيد.