عشر سنوات حكم فيها الرئيس محمد ولد عبد العزيز موريتانيا، وهي فترة كافية لتقييم حصيلة حـُكمه، والتوقف عند أبرز قراراته، وإنجازاته، ولئن كان تقييم عقد من الزمن من تاريخ بلد أمرا صعبا، يحتاج جهدا ووقتا، إلا أنه يمكن التوقف عند بعض الأمور التي ميزت فترة ولد عبد العزيز رئيسا، وتركت بصمتها على موريتانيا مستقبلا، وتراوحت تلك الأمور ما بين: الإيجاد، والإلغاء، والتعديل، بمعنى قرارات أوجدت مؤسسات، أو إنجازات لم تكن موجودة من قبل، أو ألغت هيئات، أو مؤسسات كانت قائمة بالفعل، أو عدلت أخرى، وغيرتها جزئيا.
ولعل من أبرز ما طاله الإلغاء خلال هذه الفترة، وبمبادرة من الرئيس محمد ولد عبد العزيز، مؤسسة مجلس الشيوخ، التي اقترح الرئيس إلغاءها، ووافق الشعب على ذلك عبر استفتاء شعبي، ودخلت موريتانيا بذلك مرحلة من أحادية القطب البرلماني، ولم يتم فقط إلغاء مجلس الشيوخ دستوريا، بل تمت تسوية مبنى المجلس بالأرض، ليتحول أثرا بعد عين، بعد خطاب الرئيس ولد عبد العزيز التاريخي في النعمه يوم 3 مايو 2016، والذي أعلن فيه عن ذلك القرار الحاسم، وطال الإلغاء كذلك المجلس الإسلامي الأعلى.
وعلى مستوى "الإيجاد" تميز نظام ولد عبد العزيز بروح المبادرة، والجرءة، وقام بإنشاء العديد من الهيئات، والمؤسسات في مختلف مفاصل الدولة، وقطاعاتها، لعل من أبرزها: إنشاء منطقة انواذيبو الحرة، إنشاء جهاز التجمع العام لأمن الطرق، إنشاء الوكالة الوطنية لسجل السكان والوثائق المؤمنة، تفعيل دور وكالة التنمية الحضرية المسؤولة عن تخطيط الأحياء العشوائية في العاصمة، إنشاء وكالة التضامن لمكافحة آثار الاسترقاق، إنشاء المجالس الجهوية، إنشاء بعض الجامعات، والمدارس المهنية،..
وعلى مستوى التعديل والتغيير الجزئي، قام ولد عبد العزيز - بشكل مباشر، أو باقتراح منه أقره الشعب- بالعديد من التغييرات، والتعديلات على العديد من مؤسسات الدولة، بعضها طال بنية الدولة الدستورية، والإدارية، والعسكرية، لعل من أبرزها تعديل العلم الوطني بإضافة خطين أحمرينن، تغيير النشيد الوطني بالكامل، وإحلال نشيد وطني جديد مكانه، تغيير شكل الأوراق، والقطع النقدية بالكامل، تغيير هيكلة الجيش الوطني، ليصبح ثلاث جيوش: برية، وبحرية، وجوية،إنشاء قطاعات حكومية جديدة.
ويجمع المراقبون أن عشرية ولد عبد العزيز كانت الأكثر حيوية وديناميكية منذ استقلال البلد، حيث غير الرجل موريتانيا بشكل جذري، وطال التغيير مختلف جوانب الدولة، وتردد اسم موريتانيا في أكثر من محفل دولي وإقليمي، وباختصار وضع الرئيس ولد عبد العزيز قطار موريتانيا على سكة واضحة المعالم، ليبقى استمرار القطار على السكة هو الرهان الأكبر اليوم.