لكل شعب، ولكل أمة مقدساتها، فمنذ خلق الله البشر، كان الجانب الروحي حاضرا بقوة مع الجانب المادي في حياة الإنسان، تماما مثل ثنائية الجسد والروح، واليوم نجد أن كل الشعوب في جميع الدول لديها مقدساتها التي تؤمن بحرمتها، وتتفق على تقديسها، ولا تقبل المساس بها، يستوي في ذلك الدول المتقدمة والمتخلفة، فاليابانيون، والألمان، والهنود، والصينيون هذه الدول غير مسلمة، وهي من أكثر بلدان العالم تطورا اليوم، ومع ذلك لدى كل شعب دولة منها مقدساته التي لا تتجرأ الحكومة على المساس بها، ولا يــُسمح – بقوة القانون، والعرف- لفرد، ولا هيئة بالتشكيك فيها أو التقليل من شأنها، والمفارقة أن بعض هذه "المقدسات" يكون تافها ولا يصدقه العقل !!.
فلم يمنع تقديس الخرافة والأساطير اليابان من أن تصبح إحدى أقوى اقتصادات الدنيا، وأكثرها تقدما، كما لم يمنع الهند تقديس الحيوانات حد العبادة من حجز مكانها بين أقوى دول العالم، ...
فلماذا يطلب منا دُعاة التحضر والتقدم والمدنية"المزعومة" أن ننسلخ من ديننا، ونكفر به، وندوس على قيمنا وحضارتنا، كشرط لا غنى عنه لأي رقي وتقدم للبلد ؟؟!! ثم لماذا يستشهدون دائما بالدول الغربية باعتبارها المثل الأعلى في الرقي والازدهار، وهي التي لديها مقدساتها، ومسلماتها التي لا تقبل التشكيك عندهم، الفرق بيننا وبينهم أن مقدساتنا هي (تنزيل من حكيم حميد) مقدساتنا مـُستنبطة من كتاب (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه).
صحيح أن التطور، والتغيير سنتان كونيتان، وحاجة البشر للتطور كحاجته للتناسل للبقاء على قيد الحياة، لكن مشكلة بعض "التقدميين" أنهم لا يضعون خطا فاصلا بين المسلمات والمقدسات، التي لا تقبل التشكيك، ولا التبديل، وبين أمور الحياة الكثيرة التي هي مجال للتطوير والتبديل والتحسين، حسب مقتضيات كل زمان ومكان.
الخلاصة أن من يضعون التنكر للدين وقيمه، والإساءة على المقدسات شرطا للتنمية المزعومة، يخسرون الاثنين معا، فقد ضيعوا دينهم وقيمهم، ولم يحققوا تنمية ولا رقيا، لأن الدين رافعة للتنمية، والإعمار - كما هو موجود في تعاليم القرآن الكريم- ثم إن لكل شعب مثله الأعلى، وأئمته الذين يقتدي بهم، ونحن كما قال شاعر العرب لبيد بن ربيعة:
من معشر سنت لهم آباؤهم @ ولكل قوم سنة وإمامها
من صفحة الأستاذ: سعدبوه الشيخ محمد على فيسبوك.