قراءة في مكانة الأديب ام هادي أوجه

 

يقف غياب التدوين في مرحلة ما قبل الاستقلال , وضعف الاهتمام بجانب الترجمة عند المجتمع الموريتاني عائقا أمام الباحث , والمهتم بالشأن الثقافي بشكل عام ... حين يقرر الإلقاء بنفسه في مهامه البحث والتنقيب حول شخصية يرى أنها أهل لتلك المغامرة .. والغريب في الأمر أنك قد تجد عالما أو أديبا قل أن يخلو مجلس من ذكره .. رغم ذلك لا تجد من المعلومات ما يغطي جوانب حياته المختلفة , فضلا عما تبقى من آثاره .

 

ويمثل هذا العائق مشكلا حقيقيا كلما حاولنا الكتابة عن شخصية ثقافية من منطقة الحوض بشكل عام , وولاية الحوض الغربي بشكل خاص ... والتي سنحاول من خلال هذا المقال التعريف بعلم من أعلامها , وأديب من أدبائها , ألا وهو الأديب أمهادي ولد أوج .. فنقول :

 

هو الأديب : أمهادي بن الطالب أحمد بن حمادي بن أنقوش بن أوج بن الحبيب بن السلطان .. السلطاني التنواجيوي .. أديب رحالة .. عاش رحمه الله تعالى ما بين القرن التاسع عشر والعشرين , وكان يتردد بين الطينطان ومنطقة ترمس التي استأهل منها وأقام إثر ذلك في أهل أوج بمنطقت لحسيات إلى جانب بلدية لقليك بكوبني حتى وفاته .

 

وهو من أدباء الحوض المشهورين , وأعلامه المذكورين , وهو باعتبار الأصل والمنشأ معدود في أدباء الطينطان , وله نصوص تشهد لذلك , وباعتبار السكنى وأكثر المحفوظ من أدبه معدود في أدباء ترمس .

 

عاصر رحمه الله تعالى مجموعة من الأدباء الكبار بمنطقة ترمس ؛ كالأديب الأمير: اعمر ولد اشريف , والأديب : أحمد فال بن بدادَ , والأديب: انجكلي ول أوليدَ , وأحمدو ول آغجيل , وغيرهم , وقد ارتبط أدباء هذه المنطقة بمدرسة أهل دندني ارتباطا كبيرة , وخاصة صاحب الترجمة الذي تعود إليه نسبة كثير من كفان أشوارها , بل قد تعتمد بعض نصوصه شواهد لأشوار بعينها ؛ كما في شور لعسيري مثلا .

 

وقد شكل هؤلاء المذكورون وغيرهم الجيل الذهبي للقصيدة الشعبية في تلك المنطقة .. ولقلة ما دون عن تلك الحقبة , وذهاب من عايشوها .. نجد أنفسنا مضطرين إلى الدخول في سرد النماذج التي بين أيدينا من أدب المرحوم .. مشيرين إلى ما حصل خلاف في نسبته إليه .. لكن وقبل أن نشرع في سرد هذه النماذج يجدر بنا التفريق بين أوج الذي ينسب إليه الأديب , ومجتمع أهل أوج الذي سكنه .. بل قد نجد هذا التفريق متعينا لما قد يحصل من اشتباه عند العامة , والذي يعززه تكرر اسم أوج داخل فروع متقاربة في النسب .. فنقول : إن أوج الذي ينسب إليه الأديب هو: أوج بن الحبيب بن السلطان بن أحمد ابن المايمتس بن عبد الرحمن بن يوسف بن البركة بن سيدي يحيى الجد الجامع لقبيلة تنواجيو , وهو (أي: أوج) جد أسرة من الفرع المذكور (أهل السلطان) , وأما مجتمع أهل أوج الذي سكنه الأديب , فهم ذرية أوج بن اعمر بن اعل بن أبوبك ابن يوسف الصغير بن سيدي يحيى , وهم الذين تنسب إليهم بلدية لقليك التابعة لمقاطعة كوبني .

 

قال رحمه الله تعالى :

 

لخلاك ما رات الطربَه ... ؤلا ريت طربي زادانَ

 

فاوْهام حاسي أنفربَه ... واحسيْ لقلال ؤكانَه

 

لخلاك واحنَ نكّدنَ ... لبَير منّو بعّدنَ

 

ؤمن فم كُبَير ابعدنَ ... وابعيد منَّا صوانَه

 

فوْجوهنَ بدنَ عدنَ ... كدامنَ جَكْم احذانَ ..

 

لخلاك ما رات الطربَه ..... 

 

لخلاك من يوم انبانت ... من فم كُبَير ال بانت

 

ما كطْ فاطربهَ بانت ... وامنين جات اعل كانَه 

 

انزادت اعل ما كانت ... فاحزيمهَ وانزدت آنَ .

 

لخلاك ما رات الطربَه ..... 

 

وللتنبيه فقد عزا هذا النص بعض الباحثين لمحمد الغوث ول بباج , والمعروف عند أهل الاختصاص بالمنطقة أنه لامهادي , ويربطونه بقصة استدعت منه الخروج من كوبني إلى الطينطان , والقصة مفهومة من الكاف , ولا داعي لذكرها , وتعتبر مدرسة أهل دندني هذا النص شاهدا لشور : لعسيري , وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك .

 

وله أيضا , وسببها أنه خطب امرأة من أولاد امبارك ثم خرج في سفرة سافرها , فلما رجع وجدها ركنت لآخر .. فغضب وخطب بنت عمها , فلما علمت الأولى بذلك أرسلت إليه مكذبة ومعتذرة , فأجابها بقوله :

 

حد كيف امهادي معلوم ... جا ال حد أملِّ معزوز

 

كيفْك انتِ معلوم إصوم ... كل فعل اتواسيه إزوز 

 

كنت دونك ماني صبار ... ؤلا انكد انفوت لقيار 

 

ؤلين ي اقلَ قيد التشهار ... عاد سيدِ عندك مدزوز

 

ما يحوز ؤصنبَ فاخبار ... ما يحوز ؤلاه ملكوز

 

فيك فال أمعكر لشوار ... فيك فال اف لقنَ منزوز

 

ماهْ واحد وجهك اشكار ... فيه فر ؤلاه مقموز 

 

ذاك حال احوار ؤلحوار ... ما يروم الناكه لقروز .

 

وقال أيضا فيما يبدو أنها رحلة من اكريسل (يقع على بعد خمسة وأربعين كم جنوب غرب الطينطان) إلى مدينة خاي بمالي :

 

سبحانك ي الحي المنان ... معْوَد ذ الدهر أثْرو نكّايْ 

 

ألانَ واخظ بالجدعان ... كاطع بَراي أمْنفّد خاي 

 

واكْرَيْسل بوبهْكَه لكْبير ... أمعسري عني ذاك اكْبير

 

ؤلكْلَيْبات الصفر ألِّ اف دَير ... أبياظ الجّنْكَه فانتهاي

 

اصْفيّات الشك ؤلقْدير ... مزال أعكابو فيهم ظاي 

 

ذاك ادليل أعلن القدير ... مُلكو ثابت ما فيه أراي 

 

ألْ حد الحد أب لا تأثير ... والدنيَ تعكبْ للفناي .

 

سبحانك ي الحي المنان ..... 

 

وله أيضا :

 

راعي ذوك الطبّاليات ... أثّنْتَيْن ألْفَوْكانيات 

 

وراعي ذوك أمَّلِّ لَخْرات ... أتّحْتانيات أثنْتيْن

 

نَعْرَف كانُ فَمّ احْسَيّات ... واللَّ باط احْسَيَّيْنَ اثْنَيْن

 

كَطّانَ والْ بيه الليْعات ... طَيْنَ فيهم مَكْعَد حَسين

 

يَوْكِ يَرْبَع طَبّاليّات ... أُيَ احسيين أثنين أُيَ اثنين .

 

وله :

 

يَلَّالي منْصاب انْزلْناك ... يَ لحْسيّ امْنَيزلْنَ ذاك 

 

وجْهرْناك ؤرَكَّبْنَ ماك ... ؤعدْنَ كل أوقَيت انْجَجُّوك 

 

كِيفت حيلتنَ ذيك امْعاك ... يَ لحْسيّ الْيالينَ ذُوك 

 

وارْجعت انْتَ هو هَذاك ... وارْجعنَ احْنَ هُومَ هَذُوك .

 

وله أيضا :

 

فافَّيْم احْسيّ أُطَيْت اكْبَيل ... لعْصَير امْطَفِّ فَاثْر الْخيْل 

 

انْكصُّ ؤعَجْلان امْن الليل ... وابْقَيت اكْبَال انْحك اعْليهْ

 

بِيَّ نَعْرَف سبّتْ لكْتِيل ... افْجِيل انْهار اتْوَطَّ فِيهْ 

 

وَاللا حَدِّ بعْد الْ حَصَّلت ... منْ مَوْطايَ فِيه أتْفُ بِيهْ 

 

رَوْراو ادْمُوعي واشَّقَّبْت ... وانْزاد الْحزْم اعْلَ ما فيهْ .

 

وقد حدثني بعض أهل الاختصاص أنها للأديب سيدي بن سيدي أحمد بابَ , ولكن المشهور هو أنها لأمهادي .

 

وله في مدح شيخه : الشيخ : التراد بن العباس بن الحضرامي بن محمد فاضل بن محمد الأمين .. وسببها مفاخرة في (الأشياخ) بينه وبين صديقيه: أحمد فال بن بدادَ , وانجكل ول أوليدَ .. حيث امتدح كل من الثلاثة شيخه .. فقال هو :

 

هاذَ ما يحْتاج الْينكال ... أنك قطب ؤواصل وانبيه

 

وانك مومن بالله اكبال ... بالصح اعلنّك مومن بيه

 

والنك ول انبيه اشهد حال ... ي النبيه أنك ول انبيه

 

للْولْيَ مراد ؤتراد ... واسمك كاع الشيخ التراد

 

ؤهاذَ كاع امن الرد ابعاد ... ؤهاذَ كاع الرد إبطّيه

 

القطب ال وياك اف لبلاد ... أمقطّيه ؤبيدك تعطيه

 

متخطيه أفطن عنك كاد ... تتخطاه أبدَ متخطيه..

 

ؤهاذَ ما يحتاج ال ينكال .....

 

اتربّي بالسر الِّ جاك ... من ذ خلق الله ال يجاك

 

شورك فات المولى وساك ... بالسر الِّ جاك اتربيه

 

واتنبّيه ؤكانو عداك ... ما يُعار اعليك اتزبّيه 

 

ذاك اتعمَّر دخْليهُ ذاك ... أتْسَخْلِ دخْليهُ تخْليه..

 

ؤهاذَ ما يحتاج ال ينكال ..... 

 

وانت هو بل المعاد ... لهل الفقه وخلطت لوراد

 

وامبيّن حكم الباطن زاد ... ف ال رين ذنب امصديه 

 

وال ج من عند الجواد ... مانك راح أفطن متعديه

 

مانك متعديه ولمكاد ... مانك متعديه اموديه..

 

ؤهاذَ ما يحتاج ال ينكال .....

 

واكريم ومعلوم ولا فيك ... ماه ش معلوم إنجيك

 

ول الشيخ العباس أبيك ... ول الشيخ العباس أبيه 

 

ول الشيخ الفضيل اعليك ... نورُ وانت للنور اشبيه

 

غير انت ذاك ابد فيك اشبيك ... وهو ذاك ابد فيه اشبيه..

 

ؤهاذَ ما يحتاج ال ينكال .....

 

من الايمان اتعمر يرعاك ... دخلِ ذاك ال دخليه ابقاك 

 

وال كرهك ..........

 

ولم أجد بقيتها , وهي الخامسة في مدح الشيخ التراد .

 

ومما ينسب له :

 

لغرام الِّ منُّ متكنت ... ومن احزيمُ ما كط اسلمت 

 

جاني من ذ الوكر الِّ شفت ... وابحرت أيُّ جدد لغرام 

 

إلى كلت المبروك اكذبت ... إلى كلت أكمون احرام 

 

ؤلاهُ حكم الكارَ وابحرت ... عدت انكول أنُّ بولعظام

 

وانَ ما نعرف بيني كنت ... كاع امع بولعظام أعظام

 

اثرو جكنياي المزروف ... الكيت اقلَ قيد التبسام 

 

دونُ وامكابلني ذ الجوف ... ألِّ كنت انعد اب لكلام .

 

قلت: وأهل الاختصاص ينسبونها لإبراهيم ول إبراهيم الألفغي .

 

ومن الناس من ينسب له أيضا طلعة التيكفاية المشهورة (شوف التيكفاية) .. إلا أن المعروف أنها للأديب : محمد الغوث (ول بباج) .

 

هذا ومن الجوانب المهمة في أدب أمهادي جانب الكفان , وبما أن الإحاطة بهذا الجانب تكاد تكون متعذرة , لأسباب كثيرة , إلا أننا سنذكر نماذج تبرز حضور هذا الجانب (بمحاوره المختلفة) عند الأديب ..

 

قال رحمه الله :

 

مريم منت أن قال حد ... يامس فاهل مامورُ

 

نزلت سنبورُ ذاك بعد ... ألِّ إقلِّ سنبورُ

 

وله :

 

هاذ كافي ي الِّ عزيت ... كلتولك مزلت امكافي 

 

وكتن قدر مول التليت ... بيني وياك التجافي 

 

رديلي كافي ما كديت ... انكافي وانخلِّ كافي .

 

وله في شور اتليعيبه :

 

أهل الريم ال فيَّ كلحُ ... كلت الهم كلمات ؤشاعُ

 

إلى صلحُ راهم صلحُ ... ولا ضاعُ راهم ضاعُ .

 

وله :

 

وحياً هولك لحلُو ... ول عقلاً تمكن 

 

بيهلْ كاد العقلُ ... أن يكون وحياً

 

ويحكى أن صاحبنا بات بموضع يسمى ظرع الجدعة , ومعه كل من الأديب : أحمدو ول آغجيل , والفنان : أسلماق ول دندني .. عند امرأة تسمى خمسة , فقال الفنان : كاف نسيه راوي , فقال أحمدو :

 

خالك ريم ال ول انتاهَ ... فالشرق راهي مندفعَ

 

تسوَ حد إبات أمعاهَ ... ست اليال ولل سبعَ

 

فأجابه أمهادي :

 

بداع الشور ال يكسَ ... فزاز الكاف امن الطلعَ

 

البارح بات امع خمسَ ... ولل ست ولل سبعَ .

 

 

 

وختاما أرجو أن أكون قد وفقت في التعريف بهذه القامة الأدبية .. كما أرجو أن يتم تناول هذا النوع من الشخصيات من طرف الباحثين والمهتمين لتغطية النقص الحاصل في جانب الترجمة بين رواد الأدب الحساني .

محمد فال امانه اعبيدي

PLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMIT