تواطؤ جهات رسمية لقتل 700 طفل في مقاطعة عرفات (صور صادمة)
إذا كانت معظم المدارس في موريتانيا تشكو من الاكتظاظ، ونقص المـُدرسين، واللوازم المدرسية، مثل الطاولات، والكتب المدرسية، فإن مدرسة الشيخ محمد فاضل بمقاطعة عرفات عاصمة ولاية انواكشوط الجنوبية باتت لديها مطالب أخرى أكثر إلحاحا من ذلك، وكل ما تطلبه هذه المدرسة هو تخليصها من أكوام القمامة، والجيف، والنفايات السامة التي تمطرها بها الأحياء المجاورة على مرأى ومسمع من الجهات المعنية (وزارة التهذيب، المجموعة الحضرية، بلدية عرفات، وزارة الصحة) موفد (الوسط) زار هذه المدرسة الابتدائية، ووقف على واقعها المزري، وتحدث مع المدير، والمعلمين، وبعض التلاميذ، وجيران المدرسة، فكانت إفادات الجميع تحكي مرارة معناة ممزوجة باليأس من تغيير البؤس الذي يبدو أنه بات قدرا محتوما على الجميع هنا.
المعاناة بقرار رسمي..
أول سؤال طرحناه على مدير المدرسة، والمعلمين هو: لماذا لا تبلغوا السلطات المعنية بهذا الواقع الذي يشكل خطرا حقيقيا على حياة التلاميذ، ويهدد بانتشار الأمراض، والأوبئة بينهم؟؟!
كانت الإجابة واحدة، يحكيها لك المدير بمرارة، وترددها المعلمات بيأس، وهي: أنهم أبلغوا السلطات أكثر من مرة، لكن جميع المسؤولين يؤكدون أن هذا مكب رسمي للنفايات والقمامة، وعلى المدرسة أن تتأقلم مع الذباب، والروائح النتنة، وما يترتب على ذلك، فهذا الواقع بات مادة رسمية تستقبل التلاميذ والمعلمين، وتدوم معهم طوال الدوام الرسمي، ومع ذلك يقول مدير المدرسة إن رابطة آباء التلاميذ لا تزال تحاول جاهدة لإقناع البلدية بتحويل المكب عن أبواب الأقسام الدراسية، ولكن دون جدوى حتى الآن.
أهمية المدرسة..
مدرسة الشيخ محمد فاضل هي مدرسة مكتملة الفصول، تدرس من السنة الأولى، وحتى السنة السادسة، ويدرس بها ما يناهز 700 تلميذ، وطاقم تدريسي مكتمل، معظمه من النساء، وقد قابلنا بعضهم، وعبروا عن استغرابهم من إصرار الدولة على معاقبتهم، وإجبارهم على العمل في هذه الظروف التي لا تليق بالحيوان، أحرى بالبشر، وهي أبعد ما تكون عن الجو المثالي للتدريس، ويبرر البعض واقع هذه المدرسة المأساوي بكونها تقع في حي شعبي، ويدرس بها فقط المئات من أبناء الفقراء، وليس من بينهم ابن وزير، ولا مسؤول بارز، أو رجل أعمال، وهذه الأسباب كافية لتحويل المدرسة إلى مكب للقمامة بقرار رسمي!.
محيط المدرسة..
إذا كانت القمامة، والنفايات تستقبلك بمجرد مرورك بمحيط المدرسة، فإنك إذا اقتربت من الباب الرئيس للمدرسة ترى واقعا أكثر خطرا على التلاميذ، حيث تجلس سيدات فقيرات، عقدن العزم على تحصيل قوتهن اليومي على حساب صحة مئات الأطفال، يبعن لهم وجبات خفيفة "صاندويش" هو في الواقع أقرب إلى السموم منه إلى الغذاء، حيث يمتزج فيه الذباب المتطاير من القمامة، بالخبز الملوث بالغبار، وسط جو تزكم روائح الجيف فيه أنوف الجميع، ويتناول التلاميذ البرآء، والأبرياء هذه الوجبات، وهم لا يدرون أن الكوليرا، وأنتوفوييت، وغيرها من الأمراض بانتظارهم.
غادرنا مدرسة الشيخ محمد فاضل بعرفات، والأسئلة تلح علينا، ولا ندري من أين نبدأ... فأين وزارة الصحة، وأين المجموعة الحضرية، والبلدية.. ؟؟ بل أين الوزارة الوصية، وزارة التهذيب، وكيف تسمح بهذا الواقع..؟ أسئلة نرددها مع التلاميذ، والمدرسين، والمدير، وكلهم يؤكدون أنه لا حياة لمن تنادي !!!.
