بعد رفض رئيس الجمهورية استغلال السلطة في الانتخابات، هل فشل بعض المسؤولين في فهم الرسالة؟
يصر رئيس الجمهورية المرشح محمد ولد الشيخ الغزواني على تقديم نمط جديد في التعاطي مع الترشح للحصول على مأمورية ثانية، وينتهج ولد الشيخ الغزواني نهجا يبتعد تماما عن شبهة استغلال السلطة لتحقيق مكسب سياسي، ولعل هذا ما جعل رئيس الجمهورية يقدم ملف ترشحه للمجلس الدستوري خارج وقت الدوام الرسمي، ويجتمع مع قادة حملته الانتخابية ليلا، وفي مقر حزب الإنصاف، بعيدا عن القصر الرئاسي، كما قرر رئيس الجمهورية إعفاء الوزراء الذين أسندت لهم مهام في الحملة من مهامهم في إدارة الوزارات، حتى يتفرغوا للساسة، وحتى تنتفي شبهة استغلال الوزارة لصالح أي مرشح، حتى لو كان رئيس الجمهورية، ورفض رئيس الجمهورية كذلك إعلان ترشحه بالطرق المعهودة، واختار أسلوبا مغايرا، يبتعد كل البعد عن البهرجة، واستغلال السلطة.
ورغم كل هذه الخطوات الواضحة الدلالة من رئيس الجمهورية، يلاحظ المراقبون للشأن العام أن بعض المسؤولين لم تصله رسالة رئيس الجمهورية على ما يبدو، أو لا يريد أن يفهمها وينفذها، وهذا ما تترجمه مجاهرة أحد أعضاء الحكومة باستغلال مقدرات وزارته ليس لتحقيق مكاسب سياسية لرئيس الجمهورية حتى، بل لتسجيل نقاط لمصلحته الشخصية، في حملة دعائية لنفسه أولا، قبل أن تكون دعاية للمرشح الرئيس، أو الرئيس المرشح.
مهرجانات، وتحركات سياسية عمادها موظفو القطاع، وترغيب للمنضمين الداعمين، وترهيب للمترددين، وتسخير شبه كامل للتسهيلات الممكنة لخلق مكانة سياسية محلية بشكل سريع، مفاجئ، ودون مقدمات منطقية، أو أسباب موضوعية تبرر صورة الزعامة المزعومة التي يراد لها أن تترسخ في الأذهان، رغم أنف الواقع على الأرض.
قد يبدو التبتل في محراب السياسة هذه المرة طمعا في وضع قدم في عالمها المُعقد أمرا مشروعا، لكن المستغرب هو استغلال مقدرات الدولة العمومية لتحقيق ذلك الهدف الصعب المنال، والأكثر غرابة أن يُفعل ذلك باسم رئيس الجمهورية- خلالفا لتعليماته وتصرفاته- وأن يتم تحت يافطة "الوفاء" لرئيس تبدو هذه الممارسات تضره أكثر مما تنفعه، لكنها توفر فقاعة سياسية، وإعلامية لأصحابها، في انتظار استغلال الفقاعة للتزود لقادم الأيام والمناسبات.