هذا هو الخطاب الذي ينبغي للأغلبية اتباعه إذا أرادت كسب معركة الاستفتاء (خـاص)

صادق مجلس الوزراء في آخر اجتماع له على مشروع التعديل الدستوري، المتعلق بالعلم، والنشيد الوطنيين، وكذلك إلغاء مجلس الشيوخ، واستحداث مجالس جهوية للتنمية، وبعد إسقاط هذه التعديلات الدستورية بسبب تصويت أغلبية مجلس الشيوخ ضدها، قرر رئيس الجمهورية عرضها على الشعب في استفتاء شعبي مباشر، مستخدما صلاحياته وفقا للمادة 38 من الدستور، رغم الجدل الدستوري، والقانون حول ذلك.

 لكن مهمة الأغلبية في إقناع الشعب بالتصويت لصالح هذه التعديلات الدستورية، وبنسبة كبيرة لن تكون مهمة سهلة، وذلك للأسباب التالية:

أولا: المعارضة من الداخل...

فلأول مرة في موريتانيا نشهد معارضة من داخل الأغلبية لسياسة الرئيس، وحكومته، وهذه المعارضة الداخلية بالذات هي التي أسقطت مشروع التعديل الدستوري في مجلس الشيوخ، ويـُخشى أن تفعل الشيء ذاته في الاستفتاء، أو على الأقل تجعل كسب رهان الاستفتاء صعبا، وأمرا مكلفا بالنسبة للنظام.

ثانيا: الاستفتاء ليس كالانتخاب..

لأن التصويت على التعديل الدستوري ليس مثل الانتخابات البرلمانية، والبلدية، والرئاسية، حيث يكون التنافس محتدما بين أشخاص، وأحزاب، وهو ما يجعل كل طرف يحشد أنصاره بقوة للتصويت، مما يؤدي في النهاية إلى ارتفاع نسبة المشاركة، وهذا منعدم في الاستفتاء الشعبي.

ثالثا: الظرف الزماني..

لأن هذا الاستفتاء – حسب المتداول- سيكون في نهاية موسم الصيف، وهي فترة صعبة، خاصة على سكان الداخل، ولديهم أولويات أخرى أهم بالنسبة لهم من المشاركة في الاستفتاء، وإقناعهم بالتصويت لن يكون أمرا يسيرا، خاصة وأن معظمهم يكون خارج مكان سكنه الأصلي، إما في العاصمة، أو في الانتجاع.

رابعا: المعارضة من الداخل، والخارج..

 وهنا نتحدث عن المنتدى، والتكتل، والمعارضين المقيمين في الخارج، والذين قد يضخون المال السياسي للتأثير على الاستفتاء سلبا، بالتنسيق مع "المغاضبين" من الأغلبية.

كل هذه التحديات تحتم على الأغلبية اتباع خطاب هادف، سلس، واضح، دقيق، جامع، مانع من أجل إقناع الشعب بالمشاركة في الاستفتاء أولا، والتصويت ب"نعم" ثانيا، ولعل من أهم المضامين التي ينبغي على الأغلبية التركيز عليها في خطابها للترويج للاستفتاء ما يلي:

أولا: مبررات الرفض، والقبول..

ينبغي للأغلبية أن تركز على أن هذا الاستفتاء في مصلحة الشعب، والوطن، وليس فيه مصلحة شخصية للنظام، أو الرئيس، فلا هو يمنحه مأمورية ثالثة، ولا يعطي لحزبه امتيازات خاصة، بل يستفيد منه الشعب، ويصب في مصلحة تنميته الشاملة.

ثانيا: ميزة الإجماع..

ينبغي التركيز كذلك على أن هذه التعديلات الدستورية لم يقترحها الرئيس وحده، أو النظام من جانب واحد، بل جاءت تلبية لرغبة الأغلبية بجميع أطيافها، وجزء كبير من المعارضة، والعديد من المستقلين، وممثلي المجتمع المدني، فهي توافقية بهذا المعنى، وأقرها الجميع في الحوار الوطني الشامل الأخير.

ثالثا: خطأ الرافضين..

يجب التركيز كذلك على أن من يرفضون هذه التعديلات ليسوا على شيء، ولا ينطلقون من أسس مقنعة، وإنما يدافعون عن مصالحهم الشخصية الضيقة، في وجه مصالح الشعب، والوطن، بينما الرئيس، وأغلبيته يضحون من أجل الوطن، ويريدون وضعه على سكة التنمية، وإصلاح، وتطوير مؤسساته الديمقراطية.

رابعا: مصادرة رأي الشعب..

 على الأغلبية كذلك أن تركز في خطابها على أن من يرفضون إجراء الاستفتاء إنما يصادرون حق الشعب في إقرار ما يريد، وينصبون أنفسهم أوصياء على الشعب، والشعب في النهاية هو مالك السلطة، ومصدر الشرعية، ومن يرفضون أخذ رأيه في أي قضية لا يستحقون الإنصات إليهم، ويناقضون أهم مبدإ في الديمقراطية.

خامسا:  التعامل مع المـُغاضبين..

إن على الأغلبية أن تتبع سياسة واضحة، وناجعة مع "المتمردين" من داخل صفوفها، وهنا نتحدث عن الشيوخ، ومن شايعهم، فإذا لاذوا بالصمت، واكتفوا بالرفض الضمني للاستفتاء تتركهم، وتتجاهل دورهم، أما إذا واصل الشيوخ المتمردون  المشاغبة، والتشويش على الاستفتاء، وانبروا علنا في الدعاية ضده، حينها على الأغلبية أن تجابههم بقوة، وتحاول عزلهم شعبيا، وربما إشغالهم بمعارك شخصية جانبية لمنعهم من التفرغ لمعركة الاستفتاء.

إذا انطلقت الأغلبية من هذه المعطيات، والتحديات، وأخذت كل هذه العوامل مجتمعة في الاعتبار، ورتبت صفوفها جيدا، واستغلت قدراتها أحسن استغلال ستتمكن من كسب رهان معركة الاستفتاء، والخروج بنصر سياسي من بوابة الشعب هذه المرة، وسيكون له طعم خاص حينها، أما إذا لم تأخذ الأغلبية هذه العوامل في الاعتبار فخيار الهزيمة وارد، ومن يقول غير ذلك واهم.

خـاص بالوسط.

PLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMIT