الأطفال خارج الزواج في موريتانيا.. مأساة يتجاهلها الجميع (خـاص)
يعاني المجتمع الموريتاني من مشكلة متفاقمة، تأخذ أبعادا دينية، واجتماعية، وثقافية خطيرة، وهي مشلكة الأطفال الذين يولدون بدون آباء شرعيين، أي خارج نطاق الزواج، سواء كانوا بسبب جريمة اغتصاب، أو جريمة زنا بالتراضي.
ورغم أن الشريعة الإسلامية لها طريقتها الواضحة في التعامل مع هؤلاء، وتعتبرهم بلا ذنب، وغير مخاطبين بجريمة أمهم، وأبيهم غير الشرعي، وبالتالي فهم مثل سائر البشر، لهم ما كسبوا، وعليهم ما اكتسبوا، رغم ذلك فإن المجتمع يتعامل مع هذه القضية بتجاهل خطير، ولم يعد التجاهل ممكنا في زمن اليوم، حيث أصبحت مقتضيات الحياة من تعليم، وعمل، وكل شيء تفرض الحصول على أوراق ثبوتية، وتلك الأوراق لا يمكن الحصول عليها بدون أوراق صحيحة للأب، والأب، وعقد زواج، وهو ما يجعل مئات الأطفال ضائعين، بلا هوية، لا يمكنهم التعلم، ولا ممارسة حياتهم الطبيعية.
إن المجتمع الموريتاني المسلم بطبعه، والمحافظ بسجيته لا يريد مجرد التفكير في الموضوع، وينظر لأي ولد يولد خارج الزواج نظرة احتقار، وإنكار، وعدم تقبل، بل يلجأ البعض لارتكاب جريمة قتل هذا الولد خوفا من العار، في حين أن من ينبغي أن يعاقب هو أمه إن كانت مارست الزنى بإرادتها، أو الرجل المتسبب في ذلك، بينما الجميع يترك الزناة، والمغتصبون يسرحون، ويمرحون، ويزوجون من جديد، بينما يصب جام غضبه، ورفضه على أطفال وجدوا أنفسهم في واقع لم يكن لهم دور في إيجاده.
يبدو المجتمع الموريتاني اليوم مطالبا أكثر من أي وقت مضى بالتمسك بدينه الحنيف، ومحاربة الممارسات غير الشرعية، وتشجيع، وتيسير الزواج الشرعي، كأفضل طريق لمحاربة هذه الظاهرة المقيتة، أما من ولدوا بالفعل خارج الزواج فعلى المجتمع أن يبحث لهم عن حل يمكنهم من ممارسة حياتهم، إذ لا تزر وازرة وزر أخرى.