عاجل/ موريتانيا تبتكر مفهوما جديدا للمؤتمرات الصحفية..
لقد انتهج رئيس الجمهورية الحالي محمد ولد عبد العزيز منذ وصوله السلطة سياسة الانفتاح، وحرية التعبير، والرأي، ونالت الصحافة النصيب الأوفر من تلك الحرية، بيد أن بعض الدوائر الحكومية تحاول التحكم في هذه الحرية، وتوجيهها، وتأطيرها، لتفرغها من مضمونها في النهاية، ويصبح كل شيء معروف النتائج سلفا.
إن مفهوم المؤتمر الصحفي – كما هو متعارف عليه دوليا- يعني أن يقرر مسؤول ما بمحض إرادته التواصل مع الإعلاميين، ليخاطب الرأي العام حول موضع معين، أو مواضيع متعددة، ويفتح المجال للصحفيين، بشكل عام، وعفوي لطرح ما يحلو لهم من أسئلة... هكذا تكون المؤتمرات الصحفية، أو لا تكون...
ولكن في موريتانيا تقوم الوزارة الوصية على الإعلام- وربما بالتعاون مع جهات أخرى في الدولة- بانتقاء غير عشوائي لأسماء بعينها، وفقا لمعايير غامضة حينا، وواضحة أحيانا أخرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع، وتنشر لائحة بأسماء محاوري الرئيس، أو مسائلي الرئيس، وغير هذه الأسماء لا يحق له تغطية هذا المؤتمر الصحفي.
إن إدراج اسم صحفي ما في لائحة محاوري، أو مسائلي رئيس الجمهورية أصبح "امتيازا" تمنحه وزارة الاتصال لمن تشاء، وتمنعه عن من تريد، وحتى لو كان الصحفي محايدا، أو معارضا للنظام فإن إدراج اسمه في هذه اللائحة يجعله تحت ضغط نفسي، باعتبار أن الوزارة شرفته بمحاورة الرئيس، وعليه أن يرد الجميل بأسئلة مهادنة، لا تخرج عن النص، إلا خروجا يخدم الفكرة، وضمن الهامش المحدد مسبقا.
في الحقيقة إن المؤتمرات الصحفية لرئيس الجمهورية، ولقاءاته بالإعلام باتت مناسبات لاستعراض الإنجازات أكثر منها مؤتمرات صحفية بالمعنى المتعارف عليه، فمن ينتقي الصحفيين، من المؤكد أنه سيحاول انتقاء الأسئلة، فمن يمنحك حق السؤال، قد يفرض عليك طبيعته، ثم إن هذا الأسلوب يفقد المؤتمر الصحفي رونقه، ويجرده من عنصر المفاجأة، فالرئيس يفترض ألا يعرف اسم محاوره، ولا خلفيته قبل المؤتمر الصحفي، حتى تكون الإجابة عفوية، وليست محضرة مسبقا.
لقد كان على الزملاء الصحفيين أن يرفضوا مبدأ انتقاء أسماء معينة لمساءلة رئيس الجمهورية، وألا يعتبروا اختيارهم "امتيازا" لهم يفوزون به عن زملائهم، فهو إهانة لهم جميعا، وليس تشريفا، كما يتوهم البعض ممن يرقصون فرحا أنهم سيظهرون على قناة "الموريتانية" يسألون الرئيس، فالمسألة ليست بتلك الأهمية، خصوصا إذا كان الشخص قد تم انتقاؤه، ولم يأت بمحض إرادته، وحريته.