من يحمي الشعب من فساد المقاولين والموردين للحكومة ؟
تصدر المناقصات بمواصفات فنية ممتازه ؛ مصحوبة بدفتر التزامات ممتاز ؛ ولدى كل وزارة آلية معدة سلفا لمتابعة تتفيذ المشاريع ؛ منها ماهو منبثق من هيكل الوزارة نفسها ؛ وماهو من خارجها كمكاتب الخبرة المعتمدة رسميا.
وفوق هذا كله هناك سلطة عليا للتفتيش والتدقيق .
كما أن عقود التوريد للحكومة تصدر متنقنة من حيث المواصفات ومن حيث سقف السعر .
فأين هي ثغرة الفساد التي يتسرب منها كل ذلك الغش في المواصفات عند التنفيذ ؟
ومن أين يتسرب نفخ الفواتير وكيف يتناقض واقع تنفيذ المشاريع مع ماهو مسطور في الدرسات الرسمية لها ؟
لماذا يتعثر المقاولون في التنفيذ ولماذا تتلاشى دفعات ويهرب مقاول أو يهرب العمال أنفسهم؟
لماذا تجد الإدارات الرسمية الخدمية معضلة حقيقية في انسيابية خدمة المواطنين بنسبة تستوعب أعلى نسبة مراجعين ؛ بسبب عدم كفاءة جهاز معين عندما تمر عبره 70معاملة يوميا مثلا ؛ كأجهزة وزارة المالية التي تصدر إيصالات التحصيل من المراجعين ؛ ولماذا تتوقف مضخات المياه بسرعة فائقة التي وردها مورد ما لصالح وزارة المياه أو تآزر أو غيرها بسبب رداءة اختيار المورد .
لماذا تبدو الطرق المسفلتة حديثا كلعبة من خزف بعد شهر واحد من استخدامها؟
كيف يوقع المسؤولون فنيا وماليا على استلام مشاريع لم تنفذ أو نفذت خلاف دفتر الالتزامات ؟
إنها معضلة حقيقية تنخر أداء الحكومة وتعبث بالميزانية دون استحياء.
إن وجود لجنة للمعايير والمقاييس تكون هي المخولة جماعيا باعتماد مايورده الموردون وما ينفذه المقاولون أمر ضروري ؛ فمنح صلاحيات ذلك لشخص واحد يعني التفريط وفتح احتمالات لاحصر لها للمفسدين الذين جعلوا من الفساد عقيدة إدارية تفرض قبحها على الإدارة الحكومية المترهلة أصلا.
لوكان الفساد شخصا لسهل تحييده ؛ لكن الفساد نمط يلقي بظلاله على الدول والمجتمعات ؛ فيسمم كل شيء ويقتل روح الإنتاج والمنافسة والجودة والمصداقية ؛ تماما كما يحدث في بلدنا.
نفس النسق متبع في الانتخابات ؛ فلدى كل سياسي ماهر برنامج معد سلفا ليسجل عليه بيانات المواطنين بعلمهم أو بدون علمهم ليقول أن لديه كتلة ناخبة تدعمه وتدعم حزبه بعشرات الآلاف!
فالغش سيد الإنجازات !
الطريف أن الغش تمدد نحو الخدمات البسيطة كلها ؛ فقبل أيام وأنا في طريق العودة من الحوض الشرقي توقفت عند استراحة بسيطة من تلك التي تقع على الطريق وطلبت شايا ولحما مشويا ؛ وقلت لصاحب الخدمة مانوع ذبيحتك المعلقة ؛ ضأن أم ماعز ؛ فقال ضأن وذيلها صحيح وليس مركبا ؛ فاستغربت من إجابته ؛ وقلت هل يزورون ذيل الذبيحة للتمويه على الزبناء فقال بكل تأكيد ؛ بعض الاستراحات يشتري ذيل ضأن وحده ويحتفظ به عنده فإذا طلب الزبون لحم ماعز كان له ذلك وإن طلب لحم ضأن ؛ ركب ذيل الضأن على ماعزه المذبوح وقال للزبون طالع هذا ذيل ضأن سمين.
ولعل ذلك هو ماتفعل حكومتنا والمقاولون والموردون ؛ فلدى كل وزارة ومقاول ومورد ذيل ضأن يركبه على كل أرنب وجدي ؛ وقد يركبه على فراغ ليقول للشعب أن الذيل ذيل نعاج .
مركز دعم صناعة القرار
الرئيس عبد الله ولد بونا