مالكم كيف تعترضون؟!
وإن تعجب فعجب محاولة البعض منع منتسبي قطاع التعليم من ممارسة حقهم المكفول في الانتماء السياسي والتعبير عن الرأي والموقف من الشأن السياسي، فالمعلمون والأساتذة ليسوا قاصرين حتى يتم الاختيار نيابة عنهم، بل هم نخبة المجتمع وصناع الرأي، وممارسة أهل التعليم للسياسة ليست أمرا وليد اللحظة، بل إن أهل التعليم ظلوا دائما وقود العملية السياسية بحكم مكانتهم في المجتمع، لكن الجديد هذه المرة هو وجود وزير للتهذيب أخذ على عاتقه تأطير وترشيد الجهد السياسي لمنتسبي التعليم، لتحقيق أكبر غلة سياسية لصالح حزب الإنصاف، وهو ما بدأ يؤتي أكله باستجابة واسعة من الأسرة التربوية لهذا المسعى، الأمر الذي جعل البعض يشعر بالقلق، فراح يحاول عرقلة هذا الحراك بعد أن انطلق من انواكشوط، ثم انواذيبو، فاترارزه، ولعصابه.
قد نتفهم دواعي قلق هؤلاء في إطارها السياسي فذاك أمر مبرر، فمن يكون أهل التعليم إلى جانبه بالتأكيد سيحصد غالبية الأصوات، بالنظر للكم الكبير لمنتسبي هذا القطاع، وحجم انتشارهم في كل شبر من الوطن، ولما لهم من تأثير، وهنا نوجه الأسئلة التالية للمعترضين على حراك أهل التعليم الآن:
لماذا لم نسمع هذا الاعتراض عندما كان منتسبو بعض نقابات التعليم يمارسون السياسة ويتقلدون مناصب قيادية في أحزاب معارضة، بل ويلوون أعناق المطالب النقابية البحتة لتخدم أجندة حزب معين، مع أن القانون صريح في التفريق بين الشأن النقابي والمصلحة السياسية الضيقة؟، أم أن تسييس التعليم مقبول عندما يكون لصالح المعارضة، وممنوع في حال كان داعما للنظام؟؟.
لماذا تستكثرون وتنكرون على وزير التهذيب القيام باتصالات غير رسمية بصفته الشخصية لإقناع مواطنين بالتصويت لحزب يشكل الذراع السياسي لنظام هو جزء منه ؟ وهو أمر يحصل في أعرق الديمقراطيات في العالم.
هل استخدم الوزير صلاحياته لإجبار المعلمين والأساتذة على دعم حزب الإنصاف؟، هل هدد بقطع رواتبهم إن هم لم يفعلوا؟، هل قدم تسهيلات خاصة مقابل الانخراط في هذا الحراك السياسي الداعم لحزب الإنصاف؟، هل استغل موارد الوزارة في هذا العمل؟؟؟.
هذه هي الأسئلة التي تحدد إجاباتها مدى وجاهة الاعتراض من عدمها، ومن الواضح أن المعترضين-كل المعترضين- لم يتهم أي منهم الوزير بشيء من ذلك، وإنما يكتفون بالزعم أنه ما دام وزيرا للتهذيب فلا ينبغي له دعوة أهل التعليم لدعم النظام!!، بأي منطق يفكر هؤلاء؟!
ثم ماذا لو قام وزير الشباب والرياضة مثلا بدعوة الشباب الموريتانيين للانخراط في حزب الإنصاف، أو دعا وزيرا الزراعة والثروة الحيوانية المزارعين والمنمين للتصويت لحزب الإنصاف، أو طالب وزير الثقافة الشعراء والفنانين بدعم النظام... هل ستعترضون على ذلك أيضا؟ أم أن الحساسية موجودة فقط من أهل التعليم.
أختم بسؤال، وخبر:
السؤال: لماذا لا يتوجه الممتعضون من حراك وزير التهذيب الوطني هذا لصالح حزب الإنصاف، إلى الجهات الرسمية المسؤولة عن ضبط التنافس السياسي ليحصلوا على حكم يجبر منتسبي التعليم على الحياد السياسي، أو يمنع على أي وزير تعبئة المواطنين لصالح التوجهات السياسية لنظامه؟
والخبر: هو أنني أزيد المعترضين من الشعر بيتا، فحسب المؤشرات والمعلومات فإن حراك أطر التعليم الداعم لحزب الإنصاف سيتواصل ليشمل بقية ولايات الوطن، لذلك " ألا حد إوسع أخلاكو ويرخي لحمو".
الأستاذ: سعدبوه الشيخ محمد.