بعد انتخابات لم ترض أحدا، موريتانيا إلى أين؟
شكلت الانتخابات البلدية، والتشريعية، والجهوية الحالية في موريتانيا حالة استثنائية من بين كل الاستحقاقات التي عرفتها البلاد منذ بداية المسلسل الانتخابي مع تنظيم أول انتخابات بلدية نهاية ثمانينيات القرن الماضي، فالمفارقة اليوم أن هذه الانتخابات لا يرضى عنها أحد، فلا هي مزوة بالكامل لصالح الحزب الحاكم فيرضى عنها، ولا هي شفافة - بنظر المعارضة وجزء من الأغلبية- فيرضون عنها، نتائجها أغضبت المعارضة، ولم ترض الحزب الحاكم.
ولعلها المرة الأولى التي تعبر فيها أحزاب في الأغلبية عن مواقف رافضة لنتائج الانتخابات بطريقة أكثر حدة من أحزاب المعارضة، بل إن حزب الإنصاف الحاكم صدرت عن رئيسه تصريحات يوم الاقتراع تفيد بتضرر الحزب من ممارسات حصلت، صحيح أن الحكومة غير معنية بشكل مباشر بالجوانب الفنية للعملية الانتخابية، بحكم إشراف اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات على العملية من ألفها إلى يائها، لكن الحكومة قطعا معنية بتداعيات أي رفض للنتائج، وهذا الرفض بدا واضحا تقريبا من الجميع على نحو لا سابق له في الحياة السياسية في البلد، كما لم تصدر أية تزكية للانتخابات حتى الآن من الشركاء الخارجيين، خاصة الاتحاد الإفريقي، والاتحاد الأوربي، والأمم المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، وهي جهات دأبت على منح شهادات "تزكية" للانتخابات في الدول الإفريقية، وهي شهادات يكون لها بالغ الأثر عادة على تلك الدول.وفي ظل الضبابية التي تطبع المشهد، والشكوك التي تحيط بالعملية الانتخابية، تبرز عدة سيناريوهات محتملة، كل واحد منها ترجحه عوامل محددة.
السيناريو الأول:
أن يتلاشى الرفض للنتائج تدريجيا مع الوقت، ويقبل الجميع - ولو على مضض- بالنتائج، بعد ترضيات من السلطة، ويأس من احتمال إعادة الانتخابات
السيناريو الثاني:
أن يتصاعد الرفض للنتائج، فتضطر لجنة الانتخابات - ومن ورائها الحكومة- لإعادة الانتخابات جزئيا في بعض الدوائر التي تحوم حولها الشكوك
السيناريو الثالث:
أن يتوسع رفض النتائج ليشمل أحزابا عديدة في المعارضة والموالاة، وشخصيات مرجعية، ويحصل حراك شعبي رافض للنتائج تنتج عنه اضطرابات أمنية، ويرافق ذلك موقف خاردجي من الدول والمنظمات السابقة الذكر برفض الاعتراف بنتائج الانتخابات ووصفها بغير الشفافة، وهو ما قد يصحبه استعداد من تلك الجهات الخارجية لتمويل إعادة الانتخابات وفقا لشروط تضمن شفافيتها ومشاركة الجميع فيها، وهذا السيناريو الأخير يبدو الأبعد عن الواقع بحكم المعطيات الحالية على الأقل، لكنه يبقى واردا.