بنت مكناس..عميدة وزراء موريتانيا، وسيدة نساء السياسة والإدارة(مقال)
تشكل الوزيرة الناها منت حمدي ولد مكناس قصة نجاح نادرة لم تتكرر في التاريخ الموريتاني الحديث، فهده السيدة حجزت مبكرا مكانها في صدارة المشهد الوطني، بعد أن وُلدت وتربت في بيت سياسي ودبلوماسي بامتياز، فوالدها المرحوم حمدي ولد مكناس يعتبر عراب الدبلوماسية الموريتانية، فهو من وضع أسسها وأدارها باقتدار خلال سنوات من ستينات وسبعينات القرن الماضي، قبل أن يؤسس حزب الاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم، مع بداية المسلسل الديمقراطي مطلع التسعينات، وظل يرأسه حتى وافاه الأجل المحتوم بعد عمر حافل بخدمة الوطن، يوم 15 سبتمبر 1999.
استلمت كريمته الناها بنت حمدي ولد مكناس راية الحزب ومكانة الأسرة، وهي لا تزال في مقتبل العمر، لكتها سرعانما ثبتت قدميها في المجالين: الإداري، والسياسي على مدى أكثر من عشرين سنة، تقلدت خلالها عديد المناصب، بعضها كان قد تقلدها والدها مثل وزارة الخارجية، ووزير مستشار برئاسة الجمهورية، وحافظت على مكانتها في الحكومات المتعاقبة، مسنودة بدعم سياسي كبير من حزبها الذي ظل رقما صعبا وثابتا في جميع الاستحقاقات الانتخابية، ومعلوم أن المنافسين في الإدارة والسياسة كثر، ولا تُتاح الفرصة غالبا أكثر من مرة، كما لا توجد هدايا بالمجان عندما يتعلق الأمر بالتوزير والصدارة السياسية، فتلك ميادين زحام وتنافس مستمر، البقاء فيها للأصلح والأقدر على الصمود والمنافسة، حققت بنت مكناس مكاسب في مسيرتها في السياسة والإدارة لم تححقها قبلها سيدة موريتانية من بينها:
أول وزيرة خارجية في موريتانيا، بل وفي العالم العربي، في الفترة من 2009 و 2011
أول سيدة تتولى منصب رئيسة حزب سياسي
أول شخصية وطنية تحظى بثقة الأنظمة الموريتانية المتعاقبة على مدى نحو ربع قرن، ويتم اختيارها للتعيين في منصب وزاري، وبذلك استحقت -بجدارة- لقب "عميدة وزراء موريتانيا"، بعد تعيينها وزيرة: للصحة، والتهديب الوطني، والتجارة والصناعة والسياحة، والخارجية، الشؤون الاجتماعية والطفولة والأسرة، ووزيرة مستشارة برئاسة الجمهورية، كما تم انتخابها نائبا برلمانيا أكثر من مرة.
واليوم تتولى بنت مكناس حقيبة الصحة، وتترأس حزبا سياسيا هو الأكبر -بعد حزب الإنصاف- في الأغلبية من حيث التمثيل البرلماني، وأوشك حزبها أن يحتل المركز الثاني وطنيا في آخر انتخابات برلمانية.
لكن يبقى السؤال مطروحا.. ما المؤهلات والصفات الشخصية التي جعلت هده السيدة تحقق كل هده المكاسب وتحافظ عليها على مدى عشرين سنة؟؟
تتصف السيدة الناها بنت مكناس بشخصية هادئة، بعيدة عن الصدامية، محافظة، تتمتع بأخلاق عالية، تعرف كيف تتفادى خلق الأعداء، وتجيد كسب الداعمين، تبتعد عن شبهات المال العام، كتومة لا تحب الثرثرة ولا يستهويها بريق الإعلام، تحسن تجاهل المنتقدين والمتنمرين، رغم كونها أكثر شخصية عامة تعرضت لدلك، هده الصفات -من بين أخرى- جعلت الناها بنت مكناس حالة نجاح سياسي وإداري فريدة من نوعها، وجعلتها حاضرة وبقوة، وملء أسماع وأبصار أنصارها ومنافسيها على حد سواء.
الأستاذ والإعلامي: سعدبوه الشيخ محمد.