الحكومة والبرلمان في موريتانيا، وقصة "العشاء الأخير"!
تعد لوحة "العشاء الأخير" إحدى أبرز الأعمال الفنية للرسام الإيطالي العالمي "ليوناردو دافانشي" ورسمها بين عامي 1490و 1498 وتتحدث اللوحة -التي تعتبر تحفة فنية نادرة- عن أمور تتعلق بالمعتقد المسيحي عن سيدنا عيسى عليه السلام، لسنا بصدد تفصيل ذلك في هذا المقام، وحسبنا أن نستعير هذا العنوان"العشاء الأخير" لننفذ من خلاله إلى عشائنا الأخير.
منذ سنوات عديدة، دأب رؤساء الحكومات في موريتانيا على تنظيم حفل عشاء فاخر على شرف نواب البرلمان-خاصة المنتمين للأغلبية الداعمة للحكومة- ويأتي هذا الحفل عادة متوجا للدورة البرلمانية التي تشهد عرض البرنامج السنوي للحكومة من قِبل الوزير الأول أمام البرلمان، وأثار هذا "العرف السياسي" الذي بات لازمة ثابتة خلال السنوات الأخيرة،جدلا بأبعاد سياسية، وإدارية، وحتى اقتصادية.
فالبعض ذهب إلى حد وصف "العشاء الأخير" بالرشوة السياسية، لكن هذه التهمة مدفوعة بقرينة أن العشاء يأتي عادة بعد مناقشة البرنامج السنوي للحكومة والمصادقة عليه، وليس قبل المناقشة، وهو ما ينفي عنه شبهة خطب ود السادة النواب للتأثير على مواقفهم.
ويتوقف آخرون عند الفاتورة المالية لهذا العشاء، والتي يتم صرفها من أموال دافعي الضرائب ليعيش السادة النواب، وأعضاء الحكومة، وكبار موظفي الدولة حفل عشاء فاخر، ويتساءل هؤلاء عن جدوى إنفاق المال العام على أمور كهذه،في وقت تصدر فيه الحكومة تعليمات من الوزير الأول نفسه بضرورة التقشف،والابتعاد عن الإسراف والبذخ.
وبصرف النظر عن الجدل السياسي،والاقتصادي حوله،فإن "العشاء الأخير" هذه المرة قد يكون فعلا اسما على مسمى بالنسبة لبعض مَن حضروه، وسط حديث متزايد عن قرب تعديل وزاري كبير، سيجد بعض الحاضرين معه أنفسهم خارج قائمة المدعوين، بينما سيدخل السادة النواب مباشرة بعد العشاء الأخير إجازة سياسية لأسابيع، تنتهي مباشرة مع بداية العد التنازلي للانتخابات الرئاسية.