وفاة طالب بعد 72 يوما من الإضراب عن الطعام يثير جدلا كبيرا
أثارت وفاة طالب يساري كان يخوض إضراباً عن الطعام داخل السجن، جدلاً بين المؤسسات الرسمية في المغرب من جهة، وأوساط حقوقية ويسارية راديكالية من جهة أخرى، حول المسؤولية عن وفاة الطالب بعد 72 يوماً من الإضراب، في مستشفى بمدينة فاس.
وألقت أجهزة الأمن القبض على الطالب مصطفى مزياني، بتهمة المشاركة في جريمة قتل طالب آخر، يُدعى عبدالرحيم الحسناوي، ينتمي إلى منظمة "التجديد الطلابي"، المقربة من حزب "العدالة والتنمية" الإسلامي، الذي يقود الحكومة الحالية في المملكة المغربية.
وقُتل الحسناوي، بحسب المصادر الرسمية، على يد مجموعة تنتمي الى فصيل يساري بجامعة مدينة فاس، وقبل قرابة شهرين ونصف الشهر، دخل مزياني إضراباً عن الطعام، مطالباً بالإفراج عنه، وبمواصلة دراسته في الكلية التي طرد منها لأسباب تأديبية.
وفور تأكيد وفاة الطالب، بعد أيام عرفت تدهوراً مطرداً في حالته الصحية، تواردت مواقف متباينة من الجهتين الرسمية، والحقوقية السياسية، حول ملابسات الواقعة، التي وصفت بـ"الفاجعة."
فقد حمَّلت "الجمعية المغربية لحقوق الإنسان" الدولة المغربية مسؤولية وفاته، بعدما رفضت تسجيله في الجامعة، مستغربة من أن الدولة أصدرت بياناً تؤكد أنها قبلت بتسجيله في محاولة لتبرئة نفسها من مسؤولية الوفاة.
وأكدت الجمعية، في بيان حصلت عليه CNN بالعربية، أن "وفاة مصطفى مزياني هي نتاج إهمال هيئات الدولة من رئاسة الحكومة ووزارة العدل ومندوبية إدارة السجون."
واعتبرت الجمعية أن عدم التفات السلطات إلى مطلب الطالب "العادل والمشروع في إعادة تسجيله بكلية العلوم بفاس، أدى إلى استفحال حالته الصحية، ووصوله إلى أوضاع كارثية، استدعت نقله إلى العناية المركزة وهو مصفد اليدين، وما رافق ذلك من المعاملة اللاإنسانية، مع اللامبالاة من المسؤولين، لتهديد حقه في الحياة، المنصوص على ضرورة حمايته في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان."
وذكرت الهيئة الحقوقية بأنها نبهت في العديد من المرات، إلى خطورة وضعية مزياني، وضرورة تحرك المسؤولين لمعالجة الملف والاستجابة لمطالبه، قبل حدوث "الفاجعة"، إلا أن "مطالب وتحركات عدد من المكونات المجتمعية لم تلق آذاناً صاغية"، بحسب البيان.
على الجانب الآخر، أصدرت المديرية الجهوية لإدارة السجون بفاس، بياناً قالت فيه إن "إدارة المؤسسة السجنية استعملت كل وسائل الإقناع من أجل ثنيه عن قرار مواصلة الإضراب عن الطعام، خاصةً بعد إشعاره باتخاذ قرار إعادة تسجيله بالجامعة، لكنه أصر على عدم التنازل عن موقفه."
وأورد بيان المؤسسة أنه "في 16 يوليو (تموز) الماضي، وعلى إثر تسجيل انخفاض طفيف في نسبة السكر في دمه، تم نقله إلى مستشفى لسان الدين بن الخطيب بفاس، حيث أخضع لتحاليل وفحوصات بينت أن حالته مستقرة."
وأضافت أنه "بتاريخ 19 يوليو تم نقله مرة أخرى إلى نفس المستشفى، ومكث تحت الرعاية الطبية إلى غاية 4 أغسطس (آب) 2014، وهو التاريخ الذي قرر الطبيب المعالج بهذا المستشفى، بتنسيق مع طبيب المؤسسة السجنية، نقله إلى المستشفى الجامعي الحسن الثاني بفاس، إثر تدهور وضعه الصحي، حيث ظل تحت العناية الطبية المركزة، واستفاد من مجموعة من الفحوصات والوصفات الطبية، التي تكفلت إدارة المؤسسة بجميع مصاريفها، إلى أن وافته المنية بالتاريخ المذكور."
وتحت شعار "المزياني شهيد والنظام هو المسؤول"، حمَّل فصيل طلبة اليسار التقدمي مسؤولية الوفاة للنظام و"أجهزته القمعية"، وقال في بيان نشره على موقع "فيسبوك"، ان إدارة الكلية "واجهت مطالب الشهيد المزياني بلامبالاة وتعنت كبير، مما اضطر الرفيق المناضل لمواصلة اضرابه المفتوح عن الطعام."
وأضاف البيان: "وفي مقابل صموده البطولي، وعوض الاستجابة لمطالبه العادلة والمشروعة، قامت أجهزة القمع باعتقاله من المستشفى، رغم حالته الصحية المتدهورة وجسده المنهار، وتعاطت ادارة السجن بدورها معه بإهمال مقصود، الأمر الذي فاقم من وضعيته الصحية، وعجل بمعانقته الشهادة."
وأكد الفصيل الطلابي، الذي وجد نفسه في قلب العاصفة قبل أسابيع، على خلفية اتهام مجموعة طلبة يساريين بقتل طالب إسلامي في جامعة فاس، "استعداده للمشاركة والانخراط في كافة المبادرات الرامية إلى التنديد باغتيال الشهيد المزياني، ومحاسبة المسؤولين"، وفق البيان.