صورة حرب الخليج الأولى التي لم يرغب أحد بنشرها
توفي هذا الجندي العراقي عندما كان يحاول سحب نفسه خارج شاحنته. ولكن النيران ابتلعت سيارته، وجسده تحول إلى رماد.
حدث هذا في 28 فبراير عام 1991، وهو نفس اليوم الذي وقف فيه المصور الصحفي، كينيث جاريك، أمام جثة الرجل المتفحمة، والتي كانت تقف وسط جثث أخرى متفحمة لزملائه الجنود.
قبل أن يموت بهذه الطريقة الدراماتيكية، كان لهذا الجندي اسم. كان مقاتلًا عنيدًا في جيش صدام حسين، وكان برتبة مهمة ربما، حيث خصصه الدكتاتور للقيام باحتلال الكويت ومحاربة الأمريكيين، أو ربما كان شابًا سيّئ الحظ فقط ممن تم تجنيدهم من شوارع بغداد!
أخذ جاريك هذه الصورة قبل عقد وقف إطلاق النار الذي أنهى رسميًّا عملية عاصفة الصحراء، وهو العمل العسكري الذي قادته الولايات المتحدة لإخراج صدام حسين وقواته من الكويت، بفترة قصيرة.
وكان المصور يتوقّع أن صورته والشخص المجهول فيها سوف يتحولان لرمزٍ لحرب الخليج. ولكن، بدلًا من ذلك، هذه الصورة لم تنشر في الولايات المتحدة، ليس بسبب عدم الرغبة في عرقلة العمليات العسكرية، ولكن بسبب الخيارات التحريرية.
هذه الصورة الفظيعة كانت بشكل واضح ضد الأسطورة التي تم الترويج لها شعبيًّا بأن حرب الخليج هي مثل “الحروب في ألعاب الفيديو”، حيث إنها جعلت الصراع غير مكلف إنسانيًا من خلال القصف الدقيق، واستخدام معدات الرؤية الليلية.
وبقرارها عدم نشر هذه الصورة، رفضت مجلة تايم ووكالة اسوشيتد برس، حق الجمهور بمواجهة هذا العدو المجهول، والنظر إلى اللحظات الأخيرة والمحزنة لحياته.
ولم تغب الصورة تمامًا. مجلة “ذا أوبسيرفر” في المملكة المتحدة، و”لايبرشين” في فرنسا، نشرتا الصورة بعد أن رفضتها وسائل الإعلام الأمريكية. وبعد عدة شهور، ظهرت الصورة في مجلة “الصورة الأمريكية”، حيث أثارت بعض الجدل، ولكنها جاءت متأخرة جدًا بحيث لم يكن لها تأثير كبير.
كل هذا فاجأ المصوّر، والذي كان يفترض بأن الإعلام سوف يكون سعيدًا جدًا بامتلاك دليل للطعن في أسطورة الحرب النظيفة، وغير المعقدة. وقال جاريك: “كان لدي صورة تدحض تلك الأسطورة، وكنت أعتقد بأنها سوف تنشر على نطاق واسع”.
التقرير
وهنا صورةٌ أخرى التقطها جاريك، وتظهر الشاحنة المحترقة على “الطريق السريع للموت” من زاوية أخرى، ويقف بجانبها مجموعة من الجنود الأمريكيين: