السد المتماسك(شعر)/ محمد ولد أعلي
ه
ترافقني في كل درب مشاكله وتغمرني في كل حين شمائله
أضيع إذا في لحظة غاب وجهه و أبصر ذاتي فيه أنى أقابله
و أحمل من حبي له فوق طاقتي وما ضقت يوما بالذي أنا حامله
و ألهف من وجدي به ألف لهفة كأني أسير لا تفك سلاسله
فلي وطن أقسمت أن لا أخونه و أن أقبل الفعل الذي هو فاعله
و أن لا أرى إلا به متفائلا ولو هشمت عمدا عظامي معاوله
فخور على الأوطان أجمعها به و أنى لها في المكرمات تطاوله
لنا وطن يبني التآزر مجده ولا يبتنى إن لم تشمر جحافله
نرى حبه فرضا علينا و واجبا قد إمتزجت أعراقه وقبائله
و وحدها دين الإله فلم تزل صفوفا على درب الإخاء تواصله
وما اختلفت يوما من الدهر رغم ما يحاك ولم تركن إلى من يحاوله
لدى كل فرد حيث حل أواصر يبادلها المعروف وهي تبادله
فيعطي الجنوبي الشمالي وده و ود الشمالي الجنوبي واصله
ويرتحل الشرقي للعلم طالبا إلى الغرب حيث البحر يهدر ساحله
وينتقل الغربي للشرقي زائرا لشيخ يرجى علمه ونوافله
أناس تربوا بالتواصل زادهم روابط حب لا تحل حبائله
فلو أن دهرا جاءهم بغوائل لما أثمرت إلا إتحادا غوائله
تكد الأعادي كي تفرق شملهم فتعيا وما تنفك وهي تحاوله
لنا وطن كالبيت يجمعنا معا غذتنا على مر الزمان مناهله
تساند فيه الشعب كالجسد الذي إذا ما اشتكى عضو تئن مفاصله
وكم حاول المحتل زرع خلافه ففاجأه كالسد وهو يقاتله
لنا وطن ما انفك للناس قدوة فتاريخه شهد وشهد مراحله
أضاءت دياجير الدنى علماؤه وشاعت بأرجاء الوجود فطاحله
تصانيفه في مصر شاهدة له وبين بوادي الصين تروى فضائله
لنا وطن يحيا على وسطية فلا خارج عنها سوى من ننازله
سماحة دين الله كانت أساسه إلى غيرها ليست تشد رواحله
لقد حمل الإسلام أسنى رسالة فسارت إلى كل الجهات قوافله
ودين علينا أن نصون ذمامه لتشرق شمس بالذي هو آمله
فمن نحن إن عشنا إذا هو لم يعش ومن نحن إن فضنا وغاضت جداوله
و من نحن إن لم تبك أعداؤه أسى ومن نحن إن لم تشد دوما بلابله
ومن نحن إن لم يملأ الكون وحدة ولم تتعانق في السماء سنابله
محمد ولد أعلي