خطة متكاملة لفرض رحيل ولد عبد العزيز (بيان)
دعا نداء 4 ديسمبر المعارضة إلى توحيد مرشحها في انتخابات الرئاسة المقبلة، وقدم 4 ديسمبر خطة لفرض التناوب السلمي على الرئيس محمد ولد عبد العزيز، جاء ذلك في البيان التالي الذي أصدره فجر اليوم الخميس، وجاء فيه:
"تعيش موريتانيا اليوم أزمة سياسية عميقة وحادة، تزداد حدتها يوما بعد يوم، وهذه الأزمة ليست إلا واجهة لأزمات عديدة أخرى، منها الاجتماعي، والاقتصادي، والحقوقي، والثقافي، والأخلاقي. ولقد أدت كل هذه الأزمات مجتمعة إلى غياب الدولة، وإلى تنامي الخطاب القبلي والجهوي والعرقي على حساب الخطاب الوطني الجامع.
ومما يزيد الأمور تعقيدا هو أننا نعيش كل هذه الأزمات في ظل ظرفية تاريخية عصيبة، وفي منطقة جغرافية غير آمنة تفككت فيها دول عديدة، كانت تبدو ظاهريا ـ على الأقل ـ بأنها أكثر أمانا وأكثر تحصينا من بلادنا. إن كل هذه المخاطر الداخلية والخارجية التي تهدد وطننا، وتهدد كيانه، هي التي أجبرتنا كمجموعة من الشباب المهتم بالشأن العام، على التحرك بشكل عاجل، وإطلاق صرخة أو نداء الرابع من دجمبر الموجه للطيف السياسي، خاصة منه المعارض، وذلك لاعتقادنا الراسخ بأن حل الأزمة السياسية التي تعاني منها البلاد، قد يكون هو المدخل السليم لحل بقية أزماتنا الأخرى، سواء منها الاجتماعي، أو الحقوقي، أو الاقتصادي، أو الثقافي.. ولأننا نعتقد أيضا، بأن حل الأزمة السياسية لابد له من وجود معارضة موحدة وقوية وقادرة على أن تخلق توازنا مع السلطة القائمة، ولأننا نعتقد ذلك، فقد اقتصرت اتصالاتنا في المراحل الأولى على أحزاب المعارضة (بشقيها المعارض والمشارك في انتخابات 23 نوفمبر)، وعلى بعض الشخصيات الوطنية المستقلة، وكذلك بعض النقابيين، وذلك من أجل وضع تصور لمشروع بناء حلف أو جبهة وطنية قادرة على أن تخلق توازنا مع السلطة يمكن من تجاوز بعض الاختلالات الهيكلية التي تعاني منها ديمقراطيتنا الناشئة.
إن الدخول في أي حوار مع السلطة من قبل تأسيس مثل هذا الحلف لن يكون له أي فائدة. كما أن الدخول في أي انتخابات قادمة أو مقاطعتها لن يأتي بأي نتائج، إذا ما ظلت المعارضة مفككة ولا تمتلك إستراتيجية واضحة كما هو حالها الآن.
ولذلك فنحن في نداء الرابع من دجمبر نعتقد بأن أي دعوة للحوار مع السلطة لن تأتي بأي نتيجة تذكر ما لم يسبق تلك الدعوة حوار واسع بين الطيف المعارض لا يقتصر فقط على الأحزاب السياسية المعارضة، بل يمتد ليشمل النقابات ومنظمات المجتمع المدني وكل الحركات والقوى الشبابية، وكذلك بعض الشخصيات الوطنية المستقلة، وذلك من أجل خلق حلف واسع أو جبهة وطنية قوية قادرة على أن تنتزع من السلطة القائمة كل التنازلات اللازمة لتنظيم انتخابات رئاسية شفافة تختلف عن الانتخابات التشريعية والبلدية الماضية، وإجبارها (وهذا هو الأهم) على الالتزام بما تم الاتفاق عليه عند البدء في تنفيذ تلك التنازلات.
وسعيا منا، في نداء الرابع من دجمبر، إلى الإسراع في خلق تشكيل تلك الجبهة أو ذلك الحلف قبل البدء في أي حوار مع السلطة، فإننا نتقدم بالمقترحات التالية:
أولا : إطلاق حوار فوري بين كل أحزاب المعارضة (مقاطعة أو مشاركة) من أجل تأسيس نواة الجبهة أو الحلف المنتظر، على أن يمتد ذلك الحوار في وقت لاحق ليشمل النقابات ومنظمات المجتمع المدني، وبعض الشخصيات الوطنية المستقلة الوازنة، هذا فضلا عن فتح المجال واسعا لمشاركة الشباب، ولإعطائه المكانة التي تناسبه في تلك الجبهة أو ذلك الحلف المنتظر.
ثانيا : الابتعاد عن كل ما من شأنه أن يؤجج الصراعات بين أحزاب المعارضة الموريتانية، والابتعاد عن كل التصريحات التي قد تذكي تلك الصراعات، والعمل على الوقف الفوري لأي حملات إعلامية قد تظهر هنا أو هناك، ضد هذا الحزب أو ضد ذاك. هذا فضلا عن العمل على تجنب تكرار الأخطاء السابقة، مع محاولة الاستفادة من كل التجارب الوطنية المضيئة، وكذلك من تجارب بعض الدول المشابهة، خاصة منها التجربة السنغالية التي تتقاطع مع تجربتنا في الكثير من التفاصيل.
ثالثا: تشكيل لجنة أو هيئة مستقلة عن تلك الجبهة، تضم شخصيات مستقلة ووطنية لها مصداقيتها، على أن تتولى تلك الهيئة دور الرقابة والإشراف على تنفيذ ما سيتم الاتفاق عليه من قبل كل الأطراف المشكلة للحلف أو الجبهة. وفي حالة إخلال أي طرف بأي بند من البنود المتفق عليها، يكون على تلك الهيئة أن تكشف عن ذلك، حتى تتم محاسبة ذلك الطرف من خلال حملات إعلامية وحتى احتجاجية يتكفل الشباب المنخرط في الجبهة أو الحلف المنتظر بتنظيمها.
رابعا: أن تلتزم كل الأطراف المكونة لهذا الحلف برفض أي حوار أو أي مشاورات انفرادية مع السلطة الحاكمة، وأن تلتزم أيضا بالامتناع عن إصدار أي رسائل - مهما كانت طبيعتها- يمكن أن يفهم منها بأن هذا الطرف أو ذاك يمكن أن ينفرد بأي موقف خاص به من الاستحقاقات الرئاسية القادمة بعيدا عن الموقف الموحد للجبهة أو للحلف المنتظر.
خامسا : تتعهد هذه الجبهة أو الحلف بمقاطعة أي انتخابات رئاسية، والعمل على إفشالها، إذا لم تستجب السلطة القائمة لجملة من الشروط أصبح من الواضح جدا بأنه لا يمكن أن تنظم أي انتخابات شفافة دون الالتزام بها. ومن هذه الشروط نذكر:
1 ـ حل اللجنة المستقلة للانتخابات، وإبدالها بلجنة توافقية جديدة، مع البدء في محاسبة اللجنة السابقة على ما ارتكبت من أخطاء فادحة، وذلك حتى تكون عبرة لأي لجنة مستقلة للانتخابات يتم تشكيلها مستقبلا. فأي لجنة مستقلة جديدة للانتخابات ستكون بحاجة لصلاحيات واسعة حتى تتمكن من القيام بمهامها، ولذلك فسيظل الخطر قائما في أن تتحالف هذه اللجنة الجديدة مع السلطة القائمة، وفي أن تستخدم تلك الصلاحيات الواسعة الممنوحة لها لصالح السلطة الحاكمة، ومن هنا كان لابد من محاسبة اللجنة الحالية حتى تكون عبرة لأي لجنة تُشكل في المستقبل.
2 ـ تشكيل حكومة موسعة أو توافقية لها صلاحيات واسعة، وذلك بعد أن ثبت بالدليل القاطع، من خلال انتخابات 23 من نوفمبر، بأن أي حكومة تتبع بشكل كامل للسلطة القائمة لا يمكن أن تؤتمن على الإشراف على أي انتخابات يراد لها أن تتمتع بالحد الأدنى من المصداقية. كما أنه يجب تشكيل هذه الحكومة ثلاثة أشهر على الأقل قبل البدء في الاستحقاقات الرئاسية القادمة.
ويجب أن تمنح لهذه الحكومة جملة من الصلاحيات من بينها أن تكون لها القدرة على إنزال عقوبات فورية على كل من يقوم بأي عملية تزوير، أو يستغل وسائل الدولة في الحملات الانتخابية. كما أنه على هذه الحكومة أن تحدد عقوبات قاسية جدا في هذا الشأن، كأن تجرد، وبشكل فوري، أي موظف من أولئك الذين يشتغلون في وظائف لا يجوز لأصحابها أن يشاركوا في الحملات الانتخابية، إذا ما شارك في الحملات الانتخابية، وأن يحرم ذلك الموظف - مدى حياته- من مزاولة أي وظيفة عمومية. أما إذا كان الأمر يتعلق بعسكري فيجب أن تكون العقوبة أقسى وأشد.
3 ـ إشراك المعارضة في اختيار مدراء مؤسسات الإعلام الرسمي، وكذلك مدراء كل الإدارات الأخرى التي لها صلة مباشرة بالعملية الانتخابية.
وفي حالة رفض السلطة لهذه الشروط، أو لغيرها من شروط أخرى قد ترى المعارضة الموريتانية بأنها ضرورية لشفافية الانتخابات، فإنه على الجبهة أو الحلف المنتظر أن يعلن عن مقاطعته للانتخابات الرئاسية القادمة، والعمل على إفشالها. ويجب في هذه الحالة، أن يصاحب ذلك الإعلان سحب المعارضة المشاركة في انتخابات 23 نوفمبر لكل منتخبيها في المجالس البلدية والتشريعية المنبثقة عن تلك الانتخابات.
أما في حالة قبول السلطة لتلك الشروط، ولغيرها، فإنه على المعارضة الموريتانية أن تتقدم بمرشح توافقي للانتخابات الرئاسية القادمة، على أن يلتزم ذلك المرشح بأن لا يترشح لأي مأمورية ثانية في حالة فوزه، وأن يعتبر مأموريته هي مجرد فترة انتقالية تنظم فيها منتديات ومشاورات واسعة لتصحيح المسار الديمقراطي، وللتمهيد لمرحلة جديدة قائمة على الإجماع الوطني.
وعلى المرشح التوافقي أن يتعهد كذلك بعدم الاعتراف بأي نتائج مزورة، وبقيادة أي جهد نضالي إذا ما حاولت السلطة القائمة أن تقوم بأي عمليات تزوير في الاستحقاقات الرئاسية القادمة.
إن مشاركة المعارضة بمرشح واحد في الانتخابات الرئاسية القادمة، سيضعنا أمام ثلاثة احتمالات ممكنة:
الاحتمال الأول: أن يفوز مرشح المعارضة الموريتانية، وهذا هو الاحتمال الأقوى، في حالة إجراء أي انتخابات تتمتع بالحد الأدنى من الشفافية. وفي حالة حدوث ذلك، فإن على الرئيس الفائز أن يلتزم بتشكيل حكومة من المعارضة الموريتانية، يحصل فيها كل حزب على عدد من الوزراء يتناسب مع ما سيتحصل عليه في الانتخابات التشريعية التي سيتم تنظيمها بعد حل البرلمان الحالي، على أن تمنح رئاسة الحكومة للحزب المعارض الذي سيحصد أكبر نسبة في الانتخابات التشريعية، في حين تمنح رئاسة الجمعية الوطنية للحزب المعارض الذي يليه، على أن تمنح رئاسة مجلس الشيوخ للحزب المعارض الذي سيحتل المرتبة الثالثة. الاحتمال الثاني: أن ترتكب السلطة تزويرا واسعا خلال العملية الانتخابية، أو بعد الإعلان عن النتائج لصالح مرشحها. في هذه الحالة فإنه على المعارضة الموريتانية أن تبدأ مرحلة جديدة من النضال وفق إستراتيجية واضحة للدفاع عن حقها المغتصب.
الاحتمال الثالث: أن يفوز الرئيس الحالي في الاستحقاقات الرئاسية القادمة، ودون أن يتم تسجيل أي عمليات تزوير مكشوفة. ومع أن هذا الاحتمال يبقى ضعيفا، إلا أنه مع ذلك يظل واردا. لذلك، فإنه على المعارضة الموريتانية أن تحتاط لذلك، وأن تصر على إدراج فقرة في الاتفاق يلتزم من خلالها الرئيس، في حالة فوزه في مأمورية ثانية، بحل المجالس البلدية والتشريعية القائمة، والدعوة إلى انتخابات جديدة تشرف عليها نفس الحكومة التي أشرفت على الانتخابات الرئاسية (حكومة التوافق)، وهو ما سيمكن المعارضة من أن تكون لها، على الأقل، كتلة برلمانية قادرة على التأثير على السلطة.
وفي الأخير، فإنه يجب على المعارضة الموريتانية أن لا تغفل عن الضغط المتواصل على السفارات الأجنبية حتى لا تستمر في دعم الانتخابات المزورة، وفي تقديم شهادات زور، خاصة منها تلك السفارات التي أشادت بانتخابات 23 من نوفمبر، وهي الانتخابات التي كاد الطيف السياسي الموريتاني يجمع على أنها هي أسوأ انتخابات عرفتها موريتانيا في العقدين الأخيرين.
إنه لابد من المسارعة إلى إطلاق حملات واسعة ومكثفة لجمع أكبر عدد ممكن من الموقعين على رسائل احتجاج قوية تسلم لسفراء أمريكا وفرنسا واسبانيا... تحذرهم – من خلالها- من خطورة الاستمرار في إصدار شهادات الزور، على اعتبار أن ذلك سيشكل استفزازا للشعب الموريتاني، وقد يتسبب مستقبلا في ردود أفعال قوية تتناسب مع حجم ذلك الاستفزاز.
نواكشوط بتاريخ:09 ـ 01 ـ 2014
نداء الرابع من دحمبر