إردوغان : خيانة عظمى...
كشف مصدر بارز في رئاسة الحكومة التركية لـ«الشرق الأوسط» عن أن أجهزة تنصت اكتشفت في منزل ومكتب رئيس الحكومة رجب طيب إردوغان. وأكد المصدر أن تحقيقات موسعة تجرى في مقر رئاسة الوزراء بعد ضبط أجهزة التنصت في مقر رئيس الوزراء، ثم في منزله، في حلقة جديدة من الصراع الذي بات مكشوفا بين إردوغان وجماعة الداعية فتح الله غولن.
وفي حين رفض المصدر توجيه اتهام مباشر للجماعة، لكن مصادر تركية أخرى وجهت اتهاما لأشخاص في النيابة العامة والقضاء التركيين، موضحا أن «جهاز التنصت مرتبط بآخر في المجلس الأعلى للقضاء» وهو اتهام لم تتبنه أي جهة أخرى. وفي هذا الإطار، أشار المصدر القريب من إردوغان لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تقريرا رسميا سيصدر نهاية الأسبوع في هذا الملف، منبها إلى أن إردوغان يأخذ الأمر على محمل «الخطورة الشديدة»، ومشددا على أن ما جرى هو بمثابة اعتداء على الأمن القومي، وأيا كان يقف خلفه سيجري التعامل معه على هذا الأساس لأن التنصت على رئيس الوزراء "خيانة عظمى".
ونقل المصدر عن إردوغان تأكيده على أنه " لن يسمح بدولة داخل الدولة، وأن كل شيء سيحسم في أسرع وقت ممكن".
وأجرت الحكومة التركية أمس عملية تطهير جديدة في أجهزة الشرطة ففصلت أو نقلت 470 من أفرادها بينهم أصحاب رتب عالية في أنقرة، على خلفية الفضيحة السياسية المالية كما ذكرت محطة التلفزيون الخاصة أون تي في، فيما كشفت مصادر أخرى عن نقل 96 مدعيا عاما من مناصبهم منذ اندلاع أزمة الفساد في 17 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
كما بدأ البرلمان التركي مناقشة مشروع قانون مثير للجدل يرمي إلى إصلاح المجلس الأعلى للقضاء خصوصا بهدف إعطاء وزير العدل الكلمة الفصل في تعيين القضاة. وبعد أسبوع من المناقشات المحتدمة في إطار لجنة برلمانية، بدأ البرلمان، مساء أول من أمس في جلسة مكتملة النصاب، مناقشة مشروع إصلاح المجلس الأعلى للقضاء خاصة بهدف إعطاء وزير العدل الكلمة الفصل في تعيين القضاة.
وكثفت المعارضة التي تعتبر النص مخالفا للدستور الإجراءات لمحاولة تأخير المناقشات التي من المتوقع أن تستمر حتى الغد قبل إجراء تصويت تبدو نتيجته محسومة لصالح حزب العدالة والتنمية بزعامة إردوغان الذي يحظى بغالبية واسعة في البرلمان. وطالب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري، محرم انجي، مجددا أمس، بسحبه. وقال: «نطالب أعضاء حزب العدالة والتنمية باحترام دولة القانون بدلا من التشبث بملاحقة القضاة والمدعين كما يحلو لهم».
من جهته، قال رئيس نقابة المحامين في تركيا، متين فايز أوغلو، بأنه «من أجل العدالة علينا أن نضع نظاما فعالا مستقلا وحياديا».
وفي الخارج أيضا انهالت الانتقادات ضد مشروع الإصلاح الذي اعتبر مسيئا لمبدأ «الفصل بين السلطات» لا سيما من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. لكن إردوغان تمسك بمواقفه أثناء زيارته إلى بروكسل. وقال في هذا الصدد «يجب أن لا يتعدى القضاء مهمته وصلاحياته المحددة. هذا ما نقوم به. وأي شيء آخر هو تضليل وتشويه للحقائق».
وأضاف: «لا يمكن لأحد أن يتساءل حول ضرورة الفصل بين السلطات لكن إن شوشت إحدى هذه السلطات على الأخرى» يمكن عندئذ للسلطة التشريعية أن تتدخل.
بدورها، هاجمت المعارضة اليسارية والقومية التركية إردوغان وحكومته. وقال رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، كمال كليتشدار أوغلو بأن مستشار وزير العدل اتصل بالمدعي العام الذي كان يحقق بعملية الفساد الثانية بمدينة أزمير وطلب منة إيقاف التحقيق، مشيرا إلى أن «النائب العام أثبت هذا الاتصال في محضر قضائي»، فيما قال رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهجلي، بأنه «بعد كل عملية فساد تفضح في تركيا نرى أن المدعي العام ومسؤولي الأمن الذين يقومون بالعملية إما أن جردوا من مناصبهم أو أنزلت رتبهم وفي المقابل نرى المتهمين يحميهم رئيس الوزراء".
المصدر: الشرق الاوسط