السيد الرئيس.. أنت واهم، إنهم يكذبون عليك، والدليل..
يبدو أن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز يسبح عكس التيار، ففي الوقت الذي ينصب فيه اهتمام العالم (قادة، ونـُخبا) حول كيفة توجيه، واستغلال مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، واحتواء تأثيرها المتنامي على الشعوب، وقدرتها على تحريك الشارع، وتوجيه الرأي العام، باعتبارها السلاح الناعم الأبرز في عالم اليوم، والذي يصل كل بيت، بل يصل يد كل فرد في المجتمع لديه هاتف ذكي، في هذا الوقت يحاول ولد عبد العزيز جاهدا التقليل من شأن هذه الوسائل الاجتماعية، ويكرر دائما –كما فعل في مهرجاني انواذيبو، وانواكشوط- أن المعارضة "افتراضية" وليست موجودة إلا على واتساب، وفيسبوك، والرئيس بذلك يرتكب أكبر خطأ استراتيجي سيندم عليه حين لا ينفع الندم، وسأبين ذلك في النقاط التالية:
السيد الرئيس هل تعلم أن المحاولة الانقلابية التي شهدتها تركيا قبل سنة وشهر من الآن، والتي غيرت وجه تركيا – رغم فشلها- هل تعلم أن هذا الانقلاب تم التخطيط له، وإدارته عبر "واتساب" في مجموعة منغلقة..؟؟؟ وتم إفشال الانقلاب كذلك بسبب مداخلة للرئيس التركي أردوغان من هاتف محمول عبر خدمة في أحد مواقع التواصل الاجتماعي، وبثتها قناة تلفزيونية، وكانت تلك المداخلة هي التي أعادت زمام الأمور بيد النظام الذي كان قاب قوسين أو أدنى من الانهيار؟؟.
السيد الرئيس.. هل تعلم أن ما تسميه بالفوضى، والتخريب، ويسميه آخرون "ثورات الربيع العربي" تمت صناعتها بنسبة كبيرة اعتمادا على فيسبوك، وواتساب، وغيرهما من شبكات التواصل..؟؟...
السيد الرئيس .. ألم يخبرك مستشاروك أن الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما وصل إلى البيت الأبيض بالاعتماد أساسا على شبكات التواصل الاجتماعي، وهل تعلم –سيادتك- أن الرئيس الأمريكي الحالي "دونالد اترامب" يعتمد بالأساس على "تويتر" لنشر تغريدات يتابعها الملايين، وتشكل المصدر الأبرز لأخبار البيت الأبيض بالنسبة لوسائل الإعلام التقليدية.
السيد الرئيس، هذا بالنسبة لتأثير هذه الوسائل في الخارج، والآن سأعطيك أمثلة من داخل موريتانيا تبين لك مسألتين، الأولى أن "واتساب" وفيسبوك، لهما تأثير كبير على الشارع أكثر مما أوهموك، وخدعوك....
السيد الرئيس هل تعلم أن تدوينة للسيناتور محمد ولد غده على صفحته على فيسبوك يقرؤها الآلاف، ويشاركها المئات، ويـُعجب بها الآلاف، ويعلق عليها الآلاف خلال أقل من 24 ساعة، وكم سيخبر هؤلاء من زملائهم، وأسرهم، وأصدقائهم عن مضمون ما قرؤوا لتتوسع دائرة التأثير أكثر فأكثر وهكذا، ونحن في مجتمع يقوم على توليد القصص، وإعادة إنتاجها؟؟......
هل تعلم السيد الرئيس.. أن فيديو بثه أحد المواقع الإلكترونية عبر خدمة البث المباشر على فيسبوك، وكان عن وقفة قادة المعارضة أمام مجلس الشيوخ تضامنا مع المعتصمين، هذا الفيديو شاهده أكثر من 20 ألف شخص خلال 24 ساعة، والأهم في هذه الأرقام السيد الرئيس أنه لا يمكن تزويرها، ولا التلاعب بها، فهدا الفيديو سيصل 100 ألف مشاهد في أقل من أسبوع، فهل بإمكان أي مهرجان أن يجمع لك 100 ألف مواطن موريتاني في صعيد واحد لتخاطبهم مباشرة..؟؟!.
السيد الرئيس انتبه.. إنكم تقعون في تناقض واضح، فمن جهة تقللون من تأثير وسائل التواصل، وتقولون إن المعارضة لا وجود لها إلا على "واتساب" ومن جهة أخرى تستخدمون "واتساب" لتسريب، وترويج، وتوزيع تسجيلات معارضيكم، فأنتم بهذا تعترفون بقدرة "واتساب" وتأثيره على الشعب..!!!!.
السيد الرئيس .. صدقني إنهم يخدعوك، احذر من القرناء الذين يزينون لك سوء عملك، حتى إذا أدركك الغرق قفزوا من النافذة، وبدلوا جلودهم، استعدادا للزعيم الجديد المــُخلص، والقائد المنتظر منذ زمن بعيد، وووووو الخ، السيد الرئيس عندما تدخل أي منزل موريتاني الآن –خاصة في انواكشوط- التي يقطنها ثلث سكان البلد، تجد الجميع.. الوالد، والوالدة، والأبناء، والبنات، والضيوف، وحتى الخادمات.. الجميع منهمك بمداعبة هاتفه، يتصفح فيسبوك، أو يبحر في العالم الافتراضي عبر واتساب، وغيرها، ولا تجد من يتسمر أمام التلفاز ليشاهد خطاب الرئيس مثلا، ذلك عصر قد ولى.
السيد الرئيس.. لقد بعثت برسالة بالغة السلبية، والإحباط بالنسبة لمئات المدونين الذين يناصرون النظام عبر منصات التواصل الاجتماعي، قبل أن يقف أمامهم الرئيس ويقول بعظمة لسانه: إن هذه الوسائل الاجتماعية افتراضية، ولا وجود لتأثيرها على أرض الواقع، وأنها أسلوب يلجأ إليه المعارضون الفاشلون فقط، لذلك لا أستبعد أن يغلق بعض مدوني النظام صفحاتهم، ويهجروا المجال الافتراضي نزولا عند رغبة الرئيس، أو تماشيا مع روح خطاب المطار ..!!!
السيد الرئيس إن تهميش المواقع الإلكترونية، وتجاهل دورها المحوري في توجيه الرأي العام هو خطأ سيستفيد منه معارضوكم الذين فهموا جيدا كيف يديرون لعبة الإعلام.
ثم إن قولكم السيد الرئيس إن المعارضة ليست موجودة إلا على واتساب، وفيسبوك يعتبر مغالطة ستضر نظامكم أولا، وتقدم أكبر خدمة للمعارضة، ذلك لأن أبسط قواعد المعارك الحربية، والسياسية، وحتى الرياضية تقول إنه يجب "عدم الاستهانة بالخصم" أو التقليل من شأنه، لأن ذلك هو بداية الفشل أمامه، ثم إنه – السيد الرئيس- قبل 24 ساعة فقط من مهرجانكم في المطار القديم، نظمت نساء المعارضة مسيرة من ملتقى طرق مدريد باتجاه ساحة ابن عباس، وقد حضرت هذه المسيرة 3000 سيدة على الأقل، والمفارقة أن معظمهن لا يمتلكن صفحة على فيسبوك، بل ليست لديهن أصلا هواتف ذكية حتى يستخدمن واتساب، فالمعارضة موجودة ، السيد الرئيس، ولها جمهورها، اتفقنا معها، أم اختلفنا، أما تأثير وسائل التواصل الاجتماعي فلا ينكره إلا مــُغرر به، واعترافك -السيد الرئيس- بأن المعارضة نشطة على التواصل الاجتماعي هذا في حد ذاته شهادة حسن أداء سياسي تقدمونها لمعارضيكم، وإدانة واضحة لفشل السياسة الإعلامية، والدعائية لمعسكر النظام، فالسياسة حرب ليست كالحروب، وإدارتها باتت في أيامنا هذه تعتمد قبل كل شيئ على فيسبوك، وواتساب، لأن هذه الوسائل ببساطة تتيح للسياسي الوصول لأكبر قدر من الجمهور في أقل قدر من الوقت..
هل اقتنعتم السيد الرئيس بتأثر منصات وسائل التواصل الاجتماعي.. ؟؟ بقي فقط أن أذكركم بمثل شعبي تعرفونه حتما، وذلك من باب نصيحة المشفق، يقول المثل ما معناه" اسمع كلام من يــُبكيك، ولا تسمع كلام من يــُضحكك".
تحياتي فخامة الرئيس.
بقلم الأستاذ: سعدبوه ولد الشيخ محمد.