نواب الشعب، أم نوائبه.. لماذا لا يتم إلغاء الجمعية الوطنية كذلك ؟!
تعتبر البرلمانات في جميع الدول مـُتنفس الشعوب، تعكس نبضها، وتعبر عن همومها، وتحمل مشاكلها، وتسعى في حلها، فقبة البرلمان عادة مكان مناسب لطرح مشاكل الشعب، ومطالبة السلطة التنفيذية بحلها، ويتنافس نواب البرلمان عادة في الدفاع عن حقوق دوائرهم الانتخابية، لكن ما يحدث في موريتانيا هو العكس، ودون أن نقع في التعميم، ومع الاعتراف باستثناءات تؤكد القاعدة، فإن غالبية نواب الجمعية الوطنية لا يتحدثون عن مشاكل ناخبيهم، بل يستغلون مناصبهم، وحصانتهم البرلمانية، وجوازات سفرهم الخاصة لتحقيق مكاسب شخصية لهم، ولأسرهم، وقد عبر العديد من الوزراء عن انزعاجهم من ضغط النواب عليهم في المكاتب من أجل منحهم صفقة هنا، أو امتياز شخصي هناك.
لقد شاهدنا استماتة من نواب الجمعية الوطنية في المطالبة بزيادة رواتبهم، بينما لم نسمع لهم صوتا للمطالبة بتوفير الماء الشروب للمواطنين في الداخل، لم نشهد برلمانيا يتضامن مع المواطنين أوقات الكوارث، أو زمن الجفاف، بل كلهم يقيمون في العاصمة، ولا يزورون المواطنين إلا في المواسم السياسية، ولعل هذا النهج يجد أبلغ تعبير عنه في انسحاب نائبين برلمانيين، أحدهما من الأغلبية، والآخر من المعارضة، انسحابهما من حفل رسمي بانواذيبو احتجاجا على وضع مقعديهما في مكان لا يعجبهما.. !!!، بينما لم نشهد انسحاب نواب من جلسة برلمانية انحيازا لمواطن متضرر، أو تعبيرا عن مشكلة يعاني منها الناخبون.
يكاد دور الجمعية الوطنية يقتصر إذا على تمرير النصوص، والمشاريع، والقوانين التي تضعها السلطة الحاكمة، وأحيانا دون حتى قراءتها، والمصادقة على الميزانية، فضلا عن خرجات إعلامية في شكل مداخلات استعراضية تبثها التلفزة، أما الشعب الذي انتخب هؤلاء فهمومه لا تهمهم، ومعاناته لا تعنيهم، لذلك فمطالبة البعض بإلغاء الجمعية الوطنية مثلما حدث مع مجلس الشيوخ هي مطالبة وجيهة إلى حد بعيد، وترشيد للمال العام، فإذا كان الشيوخ مفسدون - كما وصفهم البعض-، فإن النواب باتوا "نوائب"، ومردوديتهم على الشعب تكاد تكون معدومة.
من صفحة الأستاذ، والصحفي: سعدبوه الشيخ محمد على فيسبوك.