لمصلحة من يتم توتير العلاقة بين القضاء، والأجهزة الأمنية ؟!
- التفاصيل
- المجموعة: تقارير
- نشر بتاريخ الإثنين, 28 نيسان/أبريل 2014 20:33
أهو بحث عن الإثارة، أم سعي للشهرة، ؟ أم رغبة في تحقيق سبق صحفي، ذاك الذي تطالعنا به بعض المواقع الإلكترونية بشكل شبه يوم، ... أخبار محرضة، بعضها من نسج الخيال، وبعضها تم تضخيمه، حتى أصبح قبة، بعد أن كان حبة.
إذا كان كل موقع حرا في اختيار خطه التحريري، وزاوية المعالجة، وتحديد أولويات مواضيعه التي ينشر، فإن نشر بعض المواضيع بطريقة تحريضية، لا يخدم القارئ، ولا الموضوعية، والمهنية، بل لا يخدم الوطن ككل.
بعض المواقع تنتقل من دور ناقل الأخبار، إلى دور إصدار الأحكام الجاهزة، وزرع بذور الشقاق بين الأفراد، والأخطر بين أجهزة أمنية كبيرة، تمثل الدولة، ومن أغرب، وآخر ما طالعتنا به بعض تلك المواقع عنوان يقول: "الجنرال فلان يعتقل عناصر أمنية تابعة للجنرال فلان" !!! وكأننا في دولة ميليشيات، تتصارع فيها رجالات العسكر، وأمراء الحرب – كما هو الحال في الصومال، و بعض الدول الفاشلة-.
في حين أننا في دولة قانون، يعتقل فيها بأمر القضاء، وبحكم القانون، ولا علاقة للجنرالات، ولا الوزراء بذلك، وإلا لكان أي مواطن يعتقل يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن الدفاع عنه، وإطلاق سراحه، لأنه محسوب عليه، باعتباره رئيس الدولة.!!
وإذا ما تجاوزنا هذا الخطأ في المعالجة، فإن مبدأ تحريض قادة عسكريين، أو مدنيين ضد بعض، وشخصنة الخلافات، والأخطاء، خطير جدا على السلم الأهلي، ويعطي انطباعا بأن بعض القادة عليه أن يحمي عناصره، سواء كانوا ظالمين، أو مظلومين، وهو منطق يتنافى مع سيادة القانون، كحكم بين الجميع.
لقد تعمدت بعض المواقع مؤخرا محاولة زرع بذور أزمة بين جهاز التجمع العام لأمن الطرق، والجهاز القضائي، على خلفية حادث فردي، يقع مثله عشرات المرات يوميا، ويتم التعامل معه، وتجاوزه بكل هدوء، وتفاهم، لكن جهات ما تلقفت هذا الخيط، وسعت جاهدة لتعكير، وتوتير العلاقة بين تجمع أمن الطرق، والقضاء، وقد شاهدنا سابقا محاولات مماثلة لتوتير العلاقة بين الجيش الوطني، والقضاء، وتم استغلال قضية البوابة الرئيسية لقصر العدل، المحاذية لقيادة الأركان كعنوان لأزمة مزعومة بين الطرفين.
وعلى الصحافة أن تركز على توطيد اللحمة، والتآخي، وروح التعاون بين المجتمع عموما، والأجهزة الأمنية خصوصا ،وألا تحاول جر هذه الأجهزة لمعارك جانبية لا فائدة منها، في حين أن المعركة الحقيقية هي معركة الدفاع عن الوطن، وحوزته الترابية، وأمنه الداخلي، واستقراره.
إن الصحفي يفترض أن يستحضر أنه جندي في ساحة الوطن، يدافع عن مصالحه القومية الكبرى، وعن كينونته، تماما كما يدافع عن حريته، واستقلاليته، لأنه بدون وطن مستقر، وآمن، تمارس فيه كل سلطة دورها وفقا للدستور، والقانون، لا صحافة، ولا حرية تعبير.