لماذا أصبحت مدينة كرو العاصمة السياسية لولاية لعصابه؟؟
- التفاصيل
- المجموعة: تقارير
- نشر بتاريخ الأربعاء, 20 تشرين2/نوفمبر 2013 18:46
مدينة "كرو" تعرف بعلمائها الأجلاء، الذين ذاع صيتهم، وتجاوز إشعاعهم الحدود، كما تعرف كرو بباسقات نخيلها، ذات الرطب الجني، وأخيرا باتت كرو معروفة بأكثر مدينة موريتانية يتغرب أبناؤها للتجارة، والاستثمار – خصوصا في إفريقيا-.
اليوم، وفي خضم السباق السياسي المحموم باتت مدينة كرو محط أنظار الجميع والعاصمة السياسية لولاية لعصابه، فإليها يفد الوزراء، وفيها يتركز الجهد السياسي من مختلف الأحزاب، حتى باتت المدينة المحافظة الهادئة بجبالها الشامخات، ورمالها الذهبية باتت تعج بالضجيج، والحركية، والتسيس.
ويتساءل البعض عن سبب هذا الاهتمام السياسي لهذه المدينة مقارنة بمقاطعات ولاية لعصابه الأخرى، ويمكن إجمال تلك الأسباب فيما يلي:
أولا: البعد القبلي، فمع أن القبيلة لازالت تتحكم في مفاصل السياسة في جميع أنحاء الوطن، إلا أنها في كرو أشد تحكما، لسبب بسيط هو أن معظم سكان كرو من مجموعة قبلية واحدة (تجكانت) لكن ذلك لم يخفف من حدة الاستقطاب السياسي في المدينة، بل على العكس أصبح وقودا له، وبات كل مكون من القبيلة (فخظ) يحاول حجز أكبر مساحة من المشهد السياسي، لإثبات أنه الأكثر عددا، والأوفر مالا، ما خلق سباقا محموما بين مكونات القبيلة الواحدة، جعل الأحزاب السياسية تستغله لمصلحتها حينا، وتتعامل معه كواقع لا مفر منه أحيانا أخرى.
ثانيا: وجود اتجاهات سياسية متعارضة بقوة، فمدينة كرو معروف عنها أن أبناءها شاركوا في التيارات الفكرية، الأيديولوجية كلها، وكانوا نشطين فيها، من ناصريين، وبعثيين، وإسلاميين، ما جعل هذه المدينة مؤطرة سياسيا لدرجة تجعل من الصعب على السياسيين السيطرة عليها، وإخضاعها للنفوذ، وتدجينها، كما يحدث في مدن أخرى.
ثالثا: تواجد معتبر لتيار الإسلام السياسي، ما جعل النظام يعتبر الفوز بهذه المدينة مسألة حياة، أو موت بالنسبة له، وهو ما زاد من حدة التنافس، والصراع، فكلما اقترب مستوى حظوظ الفرقاء السياسيين، كلما زاد الصراع حدة.
رابعا: المال الوافد من الخارج، فمدينة كرو هي المدينة الوحيدة التي لا تكاد تجد فيها أسرة إلا وأحد أبنائها على الأقل في الخارج، وتدرهذه الجالية أموالا طائلة على كرو، تستخدم في السياسة، وتجد الدولة صعوبة كبيرة في التكيف مع هذا الواقع، والسيطرة عليه، لأن الأموال وافدة من الخارج.
كل هذه العوامل مجتمعة جعلت من كرو عاصمة سياسية لولاية لعصابه بامتياز، من فاز بها فقد كسب الرهان، ومن خسرها فقد خسر.