موريتانيا: تزوير الانتخابات، حاجة الحزب الحاكم للفوز، والمعارضة لتأكيد عجز النظام
- التفاصيل
- المجموعة: تقارير
- نشر بتاريخ الجمعة, 29 تشرين2/نوفمبر 2013 15:16
رغم أنه من المعتاد في عالم السياسة كما في عالم كرة القدم ، أن يبحث الفريق المهزوم عن ذرائع يخفف بها من وقع الهزيمة على نفسه، وأمام جمهوره، كاتهام الجهات المشرفة بالتزوير والعجز عن أداء المهمة، والانحياز إلى جهة دون أخرى ،إلا أنه وبعيدا عن غبطة المنتصرين وزلات المهزومين ، فإن المطلع على واقع الأحزاب السياسية واتجاهات الرأي العام في موريتانيا، يدرك أن النظام لم يكن بحاجة إلى التزوير، ليفوز بأغلبية المقاعد البرلمانية و المجالس البلدية في هذه الانتخابات، لكن ما كان يحتاجه النظام هو الخروج من ورطة فقدان الشرعية (عدم الدستورية) ،و إضفاء المصداقية على ما تقوم به السلطة التنفيذية، وإسكات صوت الخصوم في الداخل والخارج.
ومع أن تقرير مراقبي الاتحاد الإفريقي، تحدث عن خروقات وتجاوزات حدثت خلال يوم الاقتراع، إلا أنه في المقابل قال إنها لا تؤثر في نزاهة هذه الانتخابات حسب المعايير الدولية، وهو ما يعني أن النظام وفر الأمن في جميع مراكز التصويت، وأتاح للقوى الفاعلة المشاركة وغير المشاركة في هذه الانتخابات قدرا من حرية الممارسة السياسية، والتعبير التي لا تضطر معها إلى استخدام العنف، ورغم ذلك فقد ظهرت في مناطق مختلفة من التراب الوطني ،ردود فعل غير سلمية على إعلان نتائج هذا الاقتراع الذي كان سلميا بشهادة الجميع، وهي شهادة سيعتبرها النظام كافية لاستكمال بقية هذا المسلسل الانتخابي بغض النظر عن مقاطعة جل أحزاب منسقية المعارضة له ، و تهديدات بعض الأحزاب المشاركة بمقاطعة الشوط الثاني منه.
ومع أن الجهة المسؤولة قانونيا للبت في صحة الطعون المقدمة من طرف المرشحين هي المحكمة الدستورية، إلا أن حجم هذه الطعون لا يكفي حتى الآن من أجل إلغاء نتيجة الانتخابات، كما أن نسبة المشاركة المعلن عنها ( 75%) ، تزيد من أهمية هذا الاقتراع ، الذي يأتي لأول مرة في ظل نظام حالة مدنية، يقول القائمون عليه أنه يوفر ضمانات كبيرة، باستحالة حدوث مظاهر التزوير المعتادة في الانتخابات الماضية.
في ظل هذه المعطيات يصبح إلغاء هذه العملية الانتخابية نوعا من الانتحار السياسي بالنسبة للنظام ،وهدية يقدمها هذا النظام على طبق من ذهب للمعارضة المقاطعة التي لا تدخر جهدا للنيل من نظام تطالبه بالرحيل وتصفه بالفاشل، لكن الضغوط الكبيرة التي تمارسها بعض الأحزاب المشاركة والتي لم تحصل على حصتها المعتادة ، تجعل من الصعب جدا تمرير هذه العملية دون دفع الثمن الذي يظل مرهونا بحجم التفاهمات التي ستحصل بين النظام والأحزاب المشاركة في هذه الاستحقاقات.
