لهذه الأسباب تخلت المعارضة عن الدفاع عن ولد غده بعد اعتقاله
كما كان متوقعا، ألقت عناصر من الشرطة ليلة البارحة القبض على السيناتور المعارض محمد ولد غده من منزله بدار النعيم، واقتادته ليلا إلى جهة مجهولة بالنسبة لأسرته، وإذا كان اعتقال ولد غده متوقعا، ومفهوما برأي البعض، بسبب ما تم تسريبه مؤخرا من تسجيلات له تحمل برأي القانونيين كل الدلائل التي تسوغ للنظام توقيفه، إلا أن ما هو غير مفهوم هو تخلي المعارضة تدريجيا عن الدفاع عن ولد غده وتبني قضيته، حيث تم منعه من السفر يوم أمس، وصودرت وثائقه المدنية، قبل أن يعتقل، ولم يصدر أي موقف من أحزاب المنتدى، ولا من التشكيلات المعارضة الأخرى يندد بما يحدث للرجل.
ويرجع المراقبون تخلي المعارضة عن الدفاع عن ولد غده إلى عاملين اثنين، الأول تورط الرجل – كما تثبت تسجيلاته- في قضايا خطيرة قد ترقى لتهديد الأمن في البلد، والتآمر لقلب نظام الحكم بطرق غير شرعية، والتحريض على العنف، والتخابر لجهة أجنبية، وهي تهم كل واحدة منها قد تزج بالمتهم بها – إن ثبتت إدانته- في غياهب السجون لسنوات عديدة، وربما أدركت المعارضة أن ولد غده متورط في بعض هذه التهم عن قصد، أو بغير قصد، لذلك اختاروا النأي بأنفسهم عن الرجل في انتظار اتضاح الأمور.
العامل الثاني الذي جعل المعارضة توقف دفاعها عن ولد غده هو ما تضمنته تسجيلاته المسربة من مواقف غير ودية تجاه زعماء في المعارضة، وانكشاف اللعبة التي كان يمارسها، ومفادها أنه يقابل زملاءه في المعارضة بوجه وخطاب، ويقابل الجهات الخارجية التي يعمل لصالحها بوجه آخر مغاير، وعلى كل حال، فإن مصادقة المجلس الدستوري رسميا على نتائج الاستفتاء ستسقط الحصانة عن ولد غده، بعد أن سقطت عنه حصانة المعارضة على ما يبدو، لتدخل قضيته منعطفا جديدا تـُجهل مآلاته، مع العلم أنه ينبغي انتظار كلمة القضاء - إن قـُدر لولد غده أن يـُحاكم- لأن ما قبل ذلك تتحكم فيه الاعتبارات السياسية.