موريتانيا.. وموسم التنجيم !
الصورة من الحملة الرئاسية الماضية في كيفه
وصلت إلى بريد (الوسط) تشكيلة كاملة لحكومة جديدة في موريتانيا، وباستثناء الوزير الأول الذي احتفظ بمنصبه، فإن جميع الوزراء تقريبا تم استبدالهم – وفقا للتشكيلة التي وصلت الموقع- وربما نشرها البعض، ونحن في (الوسط) لم ننشرها بالطبع، لعدم خبرتنا في الرجم بالغيب، أو تصديق المنجمين، فقد كذبوا،ولم صدقوا.
فور انتهاء الاستفتاء الشعبي الأخير، وحتى قبل أن تعلن نتائجه رسميا، بدأ البعض في ممارسة هواية الرجم بالغيب، والحديث عن تعيينات، وإقالات، وتحديد أسماء بعينها، ومناطق محددة، وأسهب آخرون في تفصيل الحكومة على مقاساتهم، مدعمين ذلك بالصور، والمعلومات الشخصية، وجزم آخرون بأن أول مجلس للوزراء بعد الاستفتاء سيشهد تعيينات كبيرة وهامة، قبل أن يأتي بيان الوزاري خاليا من أي تعيين باستثناء مدير مساعد واحد في قطاع هامشي!.
صحيح أن من مهام الصحافة ممارسة التحليل، والاستشراف، وقراءة المعطيات المتوفرة لبناء فرضيات مرجحة، أو سيناريوهات محتملة لقابل الأحداث، والأوضاع السياسية، فهذا من صميم عمل الصحافة، لكن هناك فرق كبير، وبون شاسع بين "التحليل" و"لكزانه" وهناك فرق بين الاثنين، و"التمنيات" ثم إن الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز أثبت للجميع أن قراراته، وتعييناته، وإقالاته عصية على التوقع، ولا تخضع – بالضرورة- للفرضيات التي ينطلق منها المحللون، أو المنجمون، فهناك شخصيات مثيرة للجدل، يرشحها الجميع للإقالة، ومع ذلك يصر ولد عبد العزيز على التمسك بها منذ بداية حكمه، وبين الفينة والأخرى تطل علينا شخصيات لا عهد لأحد بها، ولم تخطر على بال بشر ليتم تعيينها في مناصب هامة.
ومع هذا كله ليس هناك نص قانوني، ولا عرف سياسي يجبر الرئيس ولد عبد العزيز على تعيين، أو إقالة أي من طاقمه بعد تنظيم أي استفتاء، فمن اختارهم الرئيس بقناعة منه لا شيء يجبرها على التفريط بهم تحت أي ظرف، فسلطة التعيين في المناصب العليا تبقى من صلاحيات الرئيس بنص الدستور، ومع ذلك لا زال هناك من يصدق المنجمين، ولا زال هناك من المنجمين من يعتقد أنه بإمكانه أن يؤثر على قرار الرئيس بتعيين فلان، أو إقالة علان لمجرد أنه هو تحدث عنه، أو نشر اسمه، وصورته!!.
ثم إن توزيع الأدوار، وتحديد المهام بين طاقم الرئيس الإداري، والسياسي عملية معقدة لا يدرك كنها، واعتباراتها إلا الرئيس نفسه، وحتى الأشخاص الذين يعهد لهم الرئيس بمهام سياسية، أو إدارية هامة قد لا يعرفون أحيانا لماذا تم اختيارهم لهذا المنصب، أو ذاك في هذا التوقيت بالذات، وقد تقتضي الضرورة نقلهم إلى مناصب أخرى، أو حتى إزاحتهم عن المشهد مؤقتا قبل أن تنضج الظروف لتكليف جديد، وهكذا...