الاستفتاء.. نصر الشعب، والنظام
بمصادقة المجلس الدستوري على النتائج التي أقرتها اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات بخصوص استفتاء الخامس من أغشت 2017 تكون موريتانيا (شعبا، ونظاما) قد حققت نصرا مبينا، وكتبت فصلا جديدا من تاريخها الحديث، واتخذت خطوة شجاعة سيكون لها – بلا شك- تأثيرها الإيجابي على المستويات السياسية، والاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية، وإذا كان الحديث عن ظروف تنظيم هذا الاستفتاء بات حديثا خارج السياق، وفي الوقت الضائع بعد أن أصبحت تلك النتائج حائزة على قوة الشيئ المـُقضى به – والمصطلح للقانون- فإن الوقت قد يكون مناسبا الآن للرد على أولئك الذين انتقدوا انخراط الحكومة في الدعاية لصالح التعديلات الدستورية، وطالبوها بالحياد، والتفرج..!
ألم يعلم هؤلاء أن الاستفتاء في جميع دول العالم هو مشروع حكومي، يقدمه النظام، ويدافع عنه باستماتة، ويحاول إقناع الشعب بتبنيه ؟، وهذا أسلوب ديمقراطي لا غبار عليه، مـُتبع في أعرق الدول الديمقراطية، ففي ابريطانيا- وهي أم الديمقراطية- شاهدنا كيف دافعت حكومة ديفد كامرون عن استفتاء البقاء في الاتحاد الأوربي، أو الخروج منه، وقد خسرت الحكومة النتيجة، وصوت الشعب لصالح الخروج، وفي فرنسا يدافع الرئيس الحالي بشدة عن تعديلات دستورية يعتزم تقديمها للبرلمان، وإذا رفضها سيقدمها للشعب في استفتاء شعبي، ولمن يعتبرون تركيا مثلهم الأعلى في كل شيء، نحيلهم للحملة المسعورة التي قادها الرئيس التركي أردوغان، وحكومته لتمرير التعديلات الدستورية الأخيرة، ومرروها بفارق ضئيل 51% فقط، فالحكومة الموريتانية لم تكن بدعا من الحكومات الديمقراطية عندما دافعت عن هذا التعديل الدستوري، كما لم يكن الرئيس ولد عبد العزيز "نشازا" بين الرؤساء حين طاف على الشعب خاطبا وده للتصويت ب"نعم".
ثم إن دور الحكومة في هذا الاستفتاء كان دعائيا بالأساس، فالعملية من الناحية التقنية البحتة لا دخل للحكومة فيها، بل هي من اختصاص اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، التي تتساوى فيها الحكومة، والمعارضة، وقد انخرطت المعارضة المقاطعة للاستفتاء في حملة لا هوادة فيها لتحريض الشعب على عدم الذهاب إلى صناديق الاقتراع يوم الاستفتاء، وبعضهم طالب الشعب بالتصويت بالرفض، فجاءت نسبة المشاركة، ونسبة التصويت بنعم فوق الثمانين، لكن مشكلة البعض أنه يريد الاعتراض على كلمة الشعب، بل وتنصيب نفسه وصيا على الشعب.
لمشاهدة فيديو بيان المجلس الدستوري اضغط هنا.