وزير الداخلية:" ما حدث نتيجة لتمزيق المصحف من مظاهرات وهجوم على القصر الرئاسي لم يكن تلقائيا للأسف "
قدم وزير الداخلية يوم أمس مداخلة أمام البرلمان الموريتاني ردا على أسئلة وجهها نواب حزب تواصل ،حول حادثة تمزيق المصحف الشريف و ملابسات سقوط ضحية في المظاهرات.
وكشف السيد الوزير حقائق عن ملابسات هذه الحادثة التي شغلت الرأي العام الوطني والإسلامي، وحمل هذا الرد اتهامات وتأكيدات على أن الدولة لن تتوارى عن التدخل وفرض الأمن كلما بدا لها ذلك ضروريا.
وفيما يلي نص رد السيد وزير الداخلية واللامركزية
"نشكر بداية جمعيتكم الموقرة على إتاحة الفرصة عن طريق هذه المساءلة التي ستسمح لنا بتقديم توضيح باسم الحكومة إلى الرأي العام الوطني من خلال ما أثاره النائب المحترم حول ملابسات ما يسمى حادثة تمزيق المصحف الشريف، وتوضيح كذلك الشطر الثاني من السؤال المتعلق بملابسات سقوط فقيد عزيز علينا نترحم عليه من خلال هذه المداخلة ونعزي من خلاله أسرة الفقيد كما فعل رئيس الجمهورية الذي أرسل إليهم وفدا يتألف من السيد وزير العدل ومستشارين وشخصيات كبار وعلماء لكي يقدموا لهم التعازي.
وفي ما يتعلق بالإجابة على السؤال المتعلق بهذه الحادثة التي أثارت ضجة كبيرة فلأول مرة في تاريخ بلدنا يتم العبث بالمصحف الشريف فقد وقعت هذه الحادثة يوم الأحد 2 مارس الجاري بين الساعة الثامنة والساعة التاسعة مساء وقد حدثت في مسجد خالد بن الوليد بمقاطعة تيارت.
وهذه الحادثة أود أن أقول إنها تتطلب مني أن أطرح جملة تساؤلات، من هو الشخص الذي يمكن أن تكون عنده مصلحة في تدنيس مقدسات هذه الأمةہ
ومن هو الشخص الذي غطى هذه الجريمة النكراء وحاول بكل وسائله العمل على إخفاء آثارهاہ
وما هي الوسائل التي اتخذتها الدولة من أجل الوصول إلى أجوبة عن كل هذه التساؤلاتہ
أنا أقدر حسن ظن كافة الموريتانيين بأنه لا يستطيع أي منهم أن يتجرأ أن يمس قداسة أقدس شيء عند هذه الامة وهو المصحف الشريف وعلى هذا الأساس اعتبر أنه لا يمكن أن يكون هناك شخص له مصلحة بهذه الفعلة إلا شخصين:
ملحد وهذا يفترض أن يكون أتى من أجل إظهار إلحاده من خلال مس مشاعر هذه الأمة وهذا موقف يتطلب منه أن تكون له الجرأة في التحدي وتسجيل موقفه وبالتالي لا يمكن أن يقوم بالتصرف مختفيا وفي مسجد نائي.
وبالتالي فمنطق الاشياء يقول إن هذا الشخص ينبغي أن يكون له صفة التحدي، فمثلا من قام بالاساءة الى النبي صلى الله عليه وسلم قام بتحد لأنه نشره بوضوح في كافة وسائل الاعلام وبالتالى فهذا الاحتمال صاحبه لايمكن أن يكون مختفيا في سيارة وملثم كما ذكر الصبي الشاهد الوحيد في هذه القضية التي سنقول لكم نتائج التحقيق التي حصلت عندنا فيها.
وإمام المسجد وهو الشاهد الثاني على هذه العملية المفترضة وجد المصاحف في المكان المخصص للوضوء داخل حرم المسجد وأخذهم ووضعهم في المسجد في انتظار صلاة العشاء ولم يتحدث عنهم ولم يبلغ السلطات الادارية ولا الامنية .
وبعد صلاة العشاء وقبل انصراف المصلين وقف السيد الامام المحترم قال مخاطبا المصلين إن لديه نبأ سيقوله لهم وهو:
أنه وجد مصحفا ممزقا ووجده في مكان الوضوء.
والملابسات الاخرى أن المسجد لم يخل من المصلين وكان بداخله شخص يقدم دروسا،والملاحظة الاخرى أن المسجد تقع أمامه ساحة عمومية بها بقالة وبالتالي فالمكان غيرخال بحيث يمكن أن تأتي سيارة وتقف وتنصرف بدون أن يطلع عليها الحضور والناس بقرب المسجد.
والمسجد نفسه له مدخل ضيق وبالتالي فالدخول والخروج منه لايتم بانسيابية.
هذه المظاهر العامة أحب أن أوضحها.
والسيد الامام عندما لم يبلغنا، وصلتنا معلومات سريعة بدأت السلطات فورا بالتحقيق وتنقلت الاجهزة الامنية والسلطات الادارية والقضائية ممثلة في وكيل الجمهورية إّلى عين المكان وباشرت التحقيق من لإظهار الجريمة والفاعلين إن وجدوا.
ولكن لم يوجد سوى طفل يتلقى التعليم على هذا الامام هم الشهود في هذه القضية.
وبطرح السؤال على الامام قال إن الصبي أبلغه أنه شاهد سيارة بها إثنان أبيض وآخر أسود أو العكس.
واستدعت الشرطة الشهود في القضية بغية فتح التحقيق معهم وبعد التحقيق تراجع الصبي عن أقواله وقال إنه غير متأكد.
الملابسة الأخرى التي أود أن أشير إليها هي اننا للأسف تخلينا عن عادة قديمة وعريقة في مجتمعنا هي مسك أبنائنا للألواح وأصبحت المصاحف عرضة للتمزيق في كل بيت بدون غرض لأنها أصبحت تجزأ ويقرأ الابناء والبنات عليها مجزأة وكما تعرفون أن أماكن قراءة التلاميذ تكون في أماكن محاذية للمسجد وهي أماكن الوضوء عادة وهذا يؤدي للمصحف أن يكون عرضة للتمزيق غيرالارادي من طرف الاطفال.
فأنا شخصيا وإن كان هناك أناس يتهمون شخصا بتمزيق المصحف وحسب كافة المعلومات لدي والادلة والبراهين والقرائن أنأى بأي موريتاني أن يكون قد قام بهذه الفعلة بطريقة مقصودة لأن النشء عندنا تربي على أن المصحف لا يمسه إلا المتطهرون فهذه التراكمات التاريخية الدينية التي لها أكثر من عشرة قرون تنمحي بحكم العولمة التي لم يمض عليها فينا أكثر من عشر سنوات.
أنا أقول إن هذه الفعلة غير مقصودة بدليلين أحدهما ان الفاعل ينبغي أن يكون له غرض ويوجد من الادلة والقرائن ما يثبت أن هناك فاعل فنحن ألقينا القبض على اللصوص العاتيين وأصحاب الجرائم وتجار المخدرات والارهابين الذين دخلوا مدننا فكيف نعجز عن إلقاء القبض على شخص دخل ونفذ قضية تمس شعور أي موريتاني.
ما أود أن أقوله باختصار هو إن الملابسات في هذه الواقعة ليست ضعفا في البحث الجنائي عند الشرطة الموريتانية وإنما هو عمل إما عمل غير قصدي ناتج عن اهمال في وضع هذه المصاحف في الاماكن التي ينبغي أن توضع فيها وإما أن الاشخاص الذين كانوا يستغلوا هذه المصاحف من النشئ الصغير تركوهم في مكان غير لائق وتم تمزيقها بحكم الرياح أو بحكم تصرف منهم غير إرادي هذا هو المنطق المقبول في غياب وجود أي أدلة وأي قرائن وأي براهين تعبر عن هذا.
نحن تابعنا تحقيقنا وتابعنا وسائل بحثنا ولحد الآن كافة القرائن تتقلص حول تهمة أن العمل عمل قصدي أو أنه فعل مقصود فالعملية عملية إهمال.
ولكن السؤال المطروح هو لماذا لم تبلغ الدولة بهذه الواقعة وقت حدوثهاہ وتم الاتصال بالقنوات الوطنية والدولية وإبلاغهم بالواقعة.
فبدل القيام بإبلاغ الجهات الأمنية بالحادثة جاؤوا يريدون السلطة بالقوة، فالسلطة في موريتانيا يتم الحصول عليها بقرار من الشعب الموريتاني عن طرق صناديق الاقتراع.
فالمصحف أجل وأعظم من أن يكون أداة أو وسيلة يتم البحث عن السلطة بها.
فالمصحف أكثر احتراما وقدسية من أن يكون بعضنا يتهم البعض بأنه يقصر في المصحف فنحن تجمعنا كلمة واحدة لا إله إلا الله محمد رسول الله وأن ديننا الإسلام ونحتكم إليه، نحن مسلمون جميعا بأغلبيتنا ومعارضتنا والدين لا يمكن أن يحتكره أحد.
وأود هنا أن أوضح من على هذا المنبر أن الدولة هي المسؤولة عن حماية الجميع ومسؤولة عن حماية وصيانة الحريات والمحافظة على المؤسسات الدستورية من باب أحرى حماية القرآن الكريم.
وقال إن الربط بين تدشين رئيس الجمهورية لقناة المحظرة التي تشمل 186 محظرة من فصالة إلى بير أم أكرين ويدرس فيها فطاحلة علمائنا تكون ردة الفعل هجوم أمواج الناس على القصر الرئاسي بحجة أن المصحف مزق.
أفإن كان ما حدث نتيجة لتمزيق المصحف من مظاهرات وهجوم على القصر الرئاسي تلقائيا للأسف لم يكن تلقائيا،فهو تلقائي عند الجميع لأنهم صدموا من الحادثة لكن ردة الفعل عندما تدرس نجد أنها غير متجانسة فالبعض أصيب بالذهول وخرج للشارع ولكن كانت هناك اللافتات وكانت هناك سيارات تحمل مكبرات الصوت وكانت هناك سيارات تقوم بعمليات الربط بين المتظاهرين.
وبدأ يلتحق بالمتظاهرين مؤطرون من باقي مقاطعات العاصمة في عملية تعبوية نادرة النوع.
أنا شهدت حشودا كبيرة تقوم بتعبئتها أحزاب الأغلبية لا تصل لمستوى التعبئة والتأطير لهذا الحشد.
فطريقة توجيه اللعنات للحكومة وسبها ونعتها بأنها غير قادرة على حماية المقدسات هذا هو الذي فاجأني.
وطرحت السؤال هل هذه المظاهرات فعلا عفوية وهبة من أجل نصرة الدين أم هي هبة سياسية بامتياز.
أريد أن أذكر برقم بسيط في سنة 2013 تم تسجيل 112 مظاهرة واعتصام في نواكشوط لم يتعرضوا أبدا لمسيلات الدموع لأن الزمان محدد والمكان محدد والترخيص موجود ولكن لماذا هذه المظاهرات لأنها نظمت في الليل وليست مرخصة وليست عفوية ومصحوبة بالعنف
الشرطة ضبطت نفسها وعملت على أمن المواطنين والممتلكات من خلال غلق الأسواق وهي تعاملت مع هذا الكم من البشر و لم تطلق رصاصة لا حية ولا مطاطية بل اقتصرت على طلق القنابل الغازية العادية،وقد جرح من الشرطة 15 جريحا نقل ثلاثة منهم في حالة خطيرة إلى المستشفى.
أذكر بأن الفقيد بعد نقله إلى المستشفى وبحضور وكيل الجمهورية وضباط الشرطة القضائية وبعد معاينة الطبيب قال إن الوفاة عائدة لانسداد في التنفس وبعد إعادة الفحص وبإشراف لجنة برئاسة أحد الأطباء وهو قريب الفقيد أكدت في تقريرها نفس المعلومات الواردة في التقرير الأول.
نحن دولة أعطت الحريات ولدينا قناعة بأن الشعب الموريتاني ينبغي أن ينعم بالحرية والديمقراطية ولكن القانون هو الذي ينظم سلوكيات هذه الحرية لكي لا تتحول إلى فوضى،فالأمن والحرية عنصران متلازمان فأي خلل فيهما يفسد الجميع.
أريد أن أكد من هذا المنبر أننا لن نتوانى في حفظ الامن والنظام وبالدرجة نفسها لن نتوانى في حماية الحريات والمكتسبات الدستورية والقانونية التي ينعم بها الشعب الموريتاني.
فنحن لدينا مئات الجمعيات ونرخص يوميا للعشرات نحن مستمرون في دعم المجتمع المدني كمكونة أساسية من مكونات المؤسسات الدستورية في البلاد لأنه بدون المجتمع المدني لا يمكن للمجتمع أن ينهض ويتطور، لأنه هو العلاقة التي تربط بين الدولة من جهة والشعب من جهة أخرى.
لكن المجتمع المدني ليس له طابع سياسي فالسياسة من اختصاص الأحزاب السياسية والمجتمع المدني دوره إما تثقيفي أو اجتماعي أو تنموي.
فعندما تقرر السلطة الإدارية أو الأمنية أن هناك اختلالا في الأمن والنظام العام الذي هو من صلاحياتهما فقط وجميع قوانين العالم تعطيهما فيه سلطة غير مقيدة فالسلطة التقديرية لهذه الأجهزة وحدها.
وبالتالي فأن هناك خلل يمكن أن يكون بغير قصد أو بقصد وبالتالي هذا الخلل عندما وجد رأت السلطات الإدارية والأمنية أن هناك مساس بالنظام العام أدى إلى سحب وصل الاعتراف من هذه المؤسسة والقضاء مفتوح أمام الجميع وهو فوق الجميع.
المصدر: الوكالة الموريتانية للأنباء