كل لأسبابه، نواب كيفه وعمدتها ورئيس الجهة خارج مناصبهم في الانتخابات المقبلة(خاص)
تستعد الطبقة السياسية في موريتانيا للدخول في حوار سياسي وطني شامل، يرى المراقبون أنه سيكون الأهم منذ الأيام التشاورية التي نُظمت بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق معاوية ولد سيدي احمد الطايع وما تمخض عنها من تغيير في الدستور حصر مدة الرئاسة في مأموريتين غير قابلتين للتجديد، وبعد مخاض عسير وطويل، يبدو أن الحوار العتيد قد أخذ زخما واضحا منذ الإفطار الرئاسي السياسي الذي نظمه رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني واستضاف فيه الطيف السياسي، وأعلن أمامهم تكليف شخص بتنسيق الحوار، وطلب من الجميع موافاته بمقترحاتهم في أجل أقصاه أياما أو أسابيع على أبعد تقدير، وقد انقضت أيام وأسابيع منذ إعلان رئيس الجمهورية هذا، ما يعني أن الحوار بات قاب قوسين أو أدنى،ويكاد المراقبون يجمعون على أن الحوار المرتقب سيفضي إلى انتخابات برلمانية وجهوية وبلدية سابقة لأوانها، قد يتم تنظيمها قبل نهاية العام الجاري، وفي هذا التحليل نتوقف عند حظوظ منتخبي مقاطعة كيفه ورئيس الجهة في الحفاظ على مناصبهم خلال الانتخابات المقبلة.
تُمثل مقاطعة كيفه في الجمعية الوطنية (البرلمان) بثلاثة نواب، بالنظر لحجمها الديمغرافي الكبير، يتم انتخابهم وفقا لنظام النسبية، وهم:محمد محمود ولد الغوث، وخطري الشيخ محمود، ولمرابط الطالب المين.
محمد محمود ولد الغوث
بالنسبة لولد الغوث- وهو دبلوماسي سابق، وسياسي مخضرم، وابن زعامة قبلية وازنة- فإن حظوظه في الاحتفاظ بمنصبه في البرلمان قد تكون جيدة من حيث المبدأ لامتلاكه خزانا انتخابيا ثابتا، لكن كونه دخل البرلمان مرتين خلال السنوات الأخيرة ممثلا لمقاطعة كيفه، سيجعل ترشحه لمأمورية ثالثة أمرا صعبا، سواء بالنسبة له هو شخصيا، أو لأي حزب سياسي قد يرشحه،والأرجح أن ولد الغوث لن يرغب في الترشح مجددا للبرلمان، خاصة وأن طموحه السياسي قد يكون بلغ منتهاه، بعد أن تقلد العديد من الوظائف المرموقة، إداريا وسياسيا.
خطري الشيخ محمود..
بات من شبه المؤكد أن النائب خطري لن يحصل على المظلة السياسية التي من خلالها نال ترشيح الحزب الحاكم له، وهو الذي كاد يفقد تلك المظلة خلال ترشيحات الانتخابات الماضية، بعد أن سالت مياه كثيرة في مجرى علاقاته بالزعيم التقليدي وقائد الحلف السياسي الذي قدمه، وسارت أخبار عن مفاوضات خاضها السفير والزعيم السياسي سيدي محمد ولد محمد الراظي مع مرشحين آخرين أوشك على تقديمهم بديلا لخطري، والمؤكد أن التوازنات السياسية، ورغبة الحزب الحاكم في التجديد واسترضاء مجموعات سياسية وازنة ومغاضبة، كل ذلك سيجعل إعادة ترشيح خطري عن الحزب الحاكم لمأمورية ثالثة خيارا يبدو في حكم المستحيل، أما ترشحه من حزب آخر فالمرجح أن يرفضه هو نفسه، لأنه يعلم جيدا أن فرض الانتخاب من خارج مظلة الحزب الحاكم يحتاج رصيدا سياسيا وماليا كبيرين، لا يتوفران له.
لمرابط الطالب المين..
شاب دخل السياسية من باب المال، فشل مرات عديدة في الظفر بترشيح الحزب الحاكم رغم ما بذل من المال في سبيل ذلك، فقرر المغامرة بدخول حلبة صراع الكبار، ونجح في كسب الرهان بشق الأنفس، وخسر مئات الملايين في سبيل الحصول على مقعد برلماني، لكن من شبه المؤكد أنه لن يتمكن للمرة الثالثة على التوالي من الاحتفاظ بمقعده، لعدة أسباب، من بينها أن التحالف السياسي الذي يدعمه هو خليط من مجموعات مختلفة، وشخصيات مجتمعية متعددة، ولا يحظى ولد الطالب المين بدعم زعامات قبلية أو سياسية كبيرة، وقد ساد التذمر مؤخرا في أوساط داعمي ولد الطالب المين بسبب فشله في ترجمة حضوره السياسي في كيفه على شكل مكاسب من التعيينات أو الامتيازات لأنصاره، كما أن الفاتورة المالية هذه المرة ستكون كبيرة جدا في حال قرر لمرابط الدفاع عن لقبه، والمرجح أن يترك الشاب المغمور حلبة المعركة بعد أن كسب جولتين متتاليتين، أو يسعى للحصول على ترشيح الحزب الحاكم وهي مهمة تبدو بالغة الصعوبة.
أما عمدة بلدية كيفه المركزية جمال ولد كبود، فقد ترشح مغاضبا ضد الحزب الحاكم، واستطاع الفوز بسبب حصوله على خدمات لاعبين سياسيين مهمين دعموه سرا أو جهرا، لكن يعرف ولد كبود جيدا أن التوازنات القبلية، والاعتبارات السياسية تجعل من إعادة ترشيحه لمأمورية ثالثة على التوالي أمرا مستحيلا، والأرجح أن يتنحى من تلقاء نفسه، فالمعركة الأخيرة أنهكته كثيرا، ولن يكون مستعدا لخوض معركة ثالثة تبدو محسومة ضده.
أما رئيس الجهة محمد محمود حبيب، فقد كان ترشيحه في المأمورية الثانية مثار جدل واسع ولم يحسم إلا في اللحظات الأخيرة، بفعل دعم جهات يرتبط معها بعلاقات شخصية، لكن الرجل لم يستطع طوال خمس سنوات إقناع سكان الولاية، وربما لم يسع أصلا في ذلك، ويعرف جيدا أنه سيكون أول المغادرين من بين زملائه المنتخبين، والأرجح أن يرشح الحزب الحاكم لرئاسة الجهة شخصية من محيط قبلي وشرائحي آخر، خاصة وأن ولد حبيب لم يكن يوما محل إجماع من عشيرته الأقربين، وترشحت ضده شخصيات وازنة من محيطه القبلي.
