صحيفة إسرائيلية: إسرائيل لم تعد مكانا آمنا لليهود
سلطّت صحيفة (معاريف) العبريّة في عددها الصادر الجمعة الضوء على ظاهرة ترك الشبان الإسرائيليين البلاد والخروج إلى بلدان أخرى، مشيرة إلى أن مركز أعمال الكنيست في “إسرائيل” قد عقد جلسة خاصة لمناقشة هذه الظاهرة التي بدأت في الآونة الأخيرة تطفو على السطح. وناقشت اللجنة المختصة في مركز أعمال الكنيست والذي تم تشكيلها من قبل الحكومة الإسرائيلية ما إذا كانت هذه الظاهرة عالمة، أم أنها نتيجة فشل في إسرائيل. ووفقاً لما جاء في الصحيفة فإنّ اللجنة ناقشت أيضًا هل هجرة هؤلاء الشبان لها علاقة بغلاء المعيشة وانعدام مبادرات حكومية من أجل استغلال الشباب أم لا. وجاء هذا الاجتماع بمبادرة من عضو الكنيست فانيا كيرشينباوم عن حزب (إسرائيل بيتنا)، والتي قالت إنّ هذه الظاهرة مؤلمة جدًا، مشيرةً إلى أنّ الحديث يدور عن الطبقة العليا والطبقة الأدنى في المجتمع الإسرائيليّ، مدعية أنّها ستعمل كل ما بوسعها من أجل ألا تقول إننّا فقدنا جيل كامل وتركنا، على حدّ قولها. وقالت الصحيفة أيضًا إنّ مبادرة تتبلور في مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لتعزيز صلة وعلاقة يهود العالم مع إسرائيل، إذْ أفادت بالمعطيات التالية: 70% من يهود الولايات المتحدة لم يكونوا أبدًا في إسرائيل ولا يعتزمون زيارتها، 50% من يهود أمريكا متزوجون زواجًا مختلطًا، 50% من الشباب اليهودي هناك لا يهمهم إذا اختفت إسرائيل من الوجود، وأقل من 20% من يهود رابطة الشعوب يتعرضون لمضامين يهودية. وعززت (معاريف) هذه الأرقام بدراسة أفادت بأنّ 87% من الشباب اليهودي في الاتحاد السوفيتي السابق مهتمون بالهجرة من دولهم، ولكن فقط 36% منهم يرون في إسرائيل أرض الميعاد المفضلة. وبحسب (معاريف)، من الصعب على المرء أنْ يكون متفائلاً في موضوع الهجرة. ذلك أن ثمة مسلّمة تحظى بإسناد تاريخي ثابت، تفيد بأنّه في معظم الهجرات إلى فلسطين، من نهاية القرن التاسع عشر، جاءت، بحسب الصحيفة، بسبب دوافع سلبية في المنفى (ملاحقات، مظاهر اللاسامية، الحروب، الوضع الاقتصادي الصعب)،
وبقدر أقل بكثير بسبب قوة جذب هذه البلاد. لكن حتى بعد أن نشأت حالات الضائقة والخطر، فإنهم لم يتوجهوا إلى (بلاد صهيون والقدس) التي صلوا لها وتاقوا لها طوال أيام حياتهم. فقد فضلّت الأغلبية الهجرة إلى بلدان أخرى. وتوقفت الصحيفة عند التآكل المتزايد لقوة الجذب من قبل إسرائيل، وتُحذر من أنّ الولايات المتحدة ليست، وعلى ما يبدو أيضًا لن تكون، طاقة كامنة لهجرة كبرى (فقط نحو 2600 هاجروا من هناك في العام 2012)، والأمر ذاته ينطبق على كل الدول الغربية الأخرى. وحتى يهود الاتحاد السوفييتي سابقًا، الذين اعتُبروا طاقة كامنة كبيرة للتعزيز الديمغرافي، كفوا عن الهجرة. فقد استُنفدت هذه الطاقة الكامنة. وتُحاول الصحيفة الوقوف على أسباب هذه الظاهرة، فتشير إلى تحسن الوضع الاقتصادي في الدول التي تأتي منها الهجرة، وإلى أن صلة اليهود الذين بقوا هناك في إسرائيل وباليهودية واهنة، هذا إذا كانت موجودة أصلاً، فضلاً عن أنّ محافل يهوديّة عالميّة ممّن تملك الوسائل والإمكانات تعمل هناك لتثبيت الجاليات وتعزيز اليهودية، ولا لتشجيع الهجرة، وترى الصحيفة أن قوة جذب إسرائيل لم تُبدد تمامًا فحسب، بل إنها اليوم دولة من الخطر العيش فيها وبات وجودها موضع شك. ولفتت الصحيفة إلى أنّ إسرائيل، التي كانت تعتبر ضمانة لسلامة يهود المنفى وأمنهم، أصبحت اليوم، كما يعتقد الكثير من اليهود في الولايات المتحدة، أكثر من يحتاج إلى المنفى اليوم، ليس فقط من أجل الدعم السياسي والمالي والمعنوي، بل كمكان لجوء، إذا ما حدثت لها كارثة. كما تطرّقت إلى ظاهرة غياب الجذور التي تربط إسرائيليي الخارج بدولتهم، فقالت إنّه ظهر في العقود الأخيرة في أوروبا وأمريكا يهود من طراز جديد: إسرائيليون هاجروا من البلاد. فبعد 66 عامًا من إقامة الدولة، ينمو سكان إسرائيل، إلا أن عدد الإسرائيليين في الخارج في ازدياد مستمر ومتواصل. فوفقًا لتقدير مجلس الاستيعاب يعيش في أرجاء العالم اليوم 700 ألف إسرائيليّ سابق مع أولادهم، مع ذلك يُذكر أنّ هذا العدد يشمل أيضًا 60 ألف مهاجر كانوا قد أقاموا في البلاد فترة قصيرة وهاجروا منها ثانية.