الحركات الاحتجاجية في موريتانيا بين الواقع، والخيال..
ماني شاري كزوال، مرجن خاوي، تملقوا بعيدا عن الدستور.. تعددت العناوين، والأسلوب، والغاية موحدة، الاحتجاج ضد النظام، والمطالبة برحيله، أو تعديل مسار سياسته، حركات، ظاهرها شبابي مطلبي، وباطنها سياسي، كيدي، حركات شكلت روافد لأحزاب سياسية معارضة، ملت، وكلت من مقارعة نظام ولد عبد العزيز، وفشلت في إزاحته، بل وفشلت في تأليب الشعب ضده، ليتولى الشعب بنفسه تلك المهمة، فراحت تبتكر حركات شبابية احتجاجية، تتناسل باستمرار، تتكاثر في الكم، دون تقديم شيء ملموس.
تم رفع شعار أزمة طلاب الجامعة، وبعد استهلاكه، توجه الاهتمام نحو حركة "ماني شاري كزوال" التي تعتبر أول حركة تنظم وقفات – ولو رمزية- بشكل متزامن في مناطق مختلفة من الوطن، واتسم تعامل السلطات مع هذه الحركات بالتجاهل، والسماح لها بكل حرية بتنظيم أنشطتها، ليس فقط انسجاما مع جو الحريات الذي تشهده البلاد، بل إن تلك الوقفات عادة لا تساوي في التأثير ثمن قنبلة غاز مسيل للدموع، ولا ثمن البنزين الذي تسير به مركبات شرطة مكافحة الشغب لفض تلك الوقفات.
أما أحزاب المعارضة فتتبع سياسة غامضة، فهي من جهة تدعم شعارات، وأهداف هذه الحركات الاحتجاجية، لكنها – أي المعارضة- لا تريد أن تظهر بمظهر المتبني لها، وتود لو أن الشباب تحرك، وأخذ زمام المبادرة في مواجهة النظام، وما هي إلا أيام، وأحيانا ساعات، وتختفي تلك الحركات، لتظهر الوجوه نفسها تحت يافطة، أخرى، وشعار آخر، ويبقى القاسم المشترك بين هذه الحركات هو أن ضجيجها الإعلامي أكبر بكثير من حجمها على الأرض، فهي على فيسبوك، وبعض المنابر الإعلامية "مليونيات" حاشدة، وعلى أرض الواقع بضع أشخاص لا غير.