لماذا تـُهمش الدولة مدينة كيفه رغم موقعها الاستراتيجي، وكثافتها السكانية؟
تعتبر مدينة كيفه ثاني مدينة موريتانية من حيث عدد السكان بعد العاصمة انواكشوط، كما أنها عاصمة لولاية لعصابه، التي تضم خمس مقاطعات، من بينها أربع من أكبر مقاطعات البلد (كيفه، كنكوصه، باركيول، كرو،)، وتقع مدينة كيفه في موقع استراتيجي بامتياز، فهي تتوسط خارطة الوطن تقريبا، بين شرقه، وغربه، وهي مؤهلات كان سكان كيفه يأملون أن تلفت انتباه الحكومة، لتستفيد هذه المدينة من المشاريع الكبرى في البلد، وهي عاصمة ولاية رعوية، وزراعية، تضم واحات كرو للنخيل، وبحيرة كنكوصه، فضلا عن الثروة الحيوانية الهائلة، والمساحات الرعوية الشاسعة، ومع ذلك، ظلت مدينة كيفه شبه منسية، مهمشة، مر بها مصنع الألبان في طريقه إلى النعمه، ومرت بها جامعة العلوم الإسلامية في طريقها إلى لعيون، واليوم تقرر الحكومة إنشاء جامعة جديدة في تجكجه، بعد أن كانت مدينة كيفه مرشحة لافتتاح جامعة بها منذ عقود من الزمن.
صحيح أنه من حق أي بقعة من الوطن أن تنعم بالمشاريع التنموية، والخدمات العمومية، بغض النظر عن موقعها، وسكانها، فالوطن للجميع، والثروة للوطن، والمواطنون سواسية بغض النظر عن مكان سكنهم، ولكن عندما لا تكون إمكانات الدولة كافية لتوفير الخدمات للجميع، يتم الحديث عن ضرورة وضع معايير موضوعية لافتتاح الجامعات، والمصانع، وإقامة المشاريع الكبرى، وبالتأكيد فإن أي معايير موضوعية ستجعل مدينة كيفه في الصدارة، فجامعة كيفه ستكون مناسبة لطلاب النعمه، ولعيون في منتصف الطريق مع انواكشوط بالنسبة للنعمه، وعلى بعد 220 كلم من لعيون، وهي مناسبة لسكان كيديماغا، على بعد نحو 200كلم فقط من سيلبابي، وحتى طلاب تكانت تحدهم ولاية لعصابه، وهي مناسبة لهم بدل انواكشوط، كما أن ولاية لعصابه ولاية حدودية، لها حدود مع جمهورية مالي.
يشعر سكان ولاية لعصابه عموما، وكيفه تحديدا بنوع من الحيف، والتمييز السلبي ضدهم من قبل الدولة، وهو واقع سلبي يحملون مسؤوليته بالدرجة الأولى للأنظمة التي تعاقبت على حكم البلد، خاصة النظام الحالي، وكذلك يتمحل أطر لعصابه قسطا كبيرا من مسؤولية تهميش ولايتهم، رغم امتلاكها كل مقومات الصدارة.