من يهذب نوازع شباب " كرفور" الأمارة بالسوء ؟!
كثيرا ما سمعت من صغار حينا عن رفاقهم الذين اشتهروا بين أقرانهم بمظاهر من الانحراف، و الاستعداد للشروع في القتل باستخدام السلاح الأبيض، بمجرد الدخول في شجار ولو كان تافها، وحملوا ألقابا شاذة مثل " فلان الزركاوي" و " فلان ماتا" و" فلان بيما" دون أن يكون ذلك ملفتا للانتباه،
غير أن تعاظم جنوح الشباب بعاصمتنا الفتية، و تحول بعض الأحياء الشعبية إلى بؤر للجريمة و السطو المسلح، و خاصة "كرفور" ودار النعيم و "توجنين" حيث ينشط التسكع بالطرقات، والتسرب المدرسي، ومعاكسة البنات، وضياع الوقت في " ألعاب بلايستيشن" بالتزامن مع بناء مفوضية للقصر في كرفور، كل ذلك ولد لدي هاجسا بضرورة تسليط الضوء على هذه الظاهرة، التي تستفحل يوما بعد يوم مهددة أسس مجتمعنا، و منذرة بتفكك أسري واسع الانتشار.
و مع أنه من الصعوبة بمكان تقديم تشخيص موضوعي لهذه الظاهرة، بسبب غياب معطيات إحصائية دقيقة بهذا الخصوص على المستوى الوطني، إلا أن تسارع وتيرة الجرائم المنسوبة لمراهقين في هذا الحيز الجغرافي، و التي كان آخرها حادثة مقتل الفتى يوسف على يد زميله، يثير فينا العديد من التساؤلات، حول غياب المتابعة و الرقابة للوالدين بسبب التفكك الأسري، و شيوع العنف الأسري، هذا فضلا عن ما تنفثه وسائط التواصل الاجتماعي الحديثة من سموم، و أفكار مريضة في نفوس شبابنا اليافعة.
إن انشغال الآباء والأمهات وانصرافهم عن توجيه الرعاية الأبوية والإشراف الدقيق على أبنائهم، يعد العامل الأبرز للنزوع نحو الانحراف بأشكاله المختلفة، يضاف إلى ذلك معالجة أخطاء الطفل بالضرب، و التوبيخ و السجن في المنزل، وغير ذلك من المسلكيات التي تنمي لدى المراهق ميوله الإجرامية و تدفعه إلى إثبات النفس عن طريق استخدام العنف مع القرناء، للتنفيس عن حرمانه من العطف، أو الانتقام من الغير، و صب الغضب عليه.
و يشير علماء الاجتماع أن "معظم الصغار الذين يمارسون سلوكا يتميز بالانحراف يفعلون ذلك مع أحداث آخرين، و غالبا في شكل مجموعات منظمة"، و حسب بعض المراقبين لسلوك الجانحين في الأحياء التي ذكرنا سالفا، فإن الذين ارتكبوا منهم جرائم شرعوا فيها في القتل سبق لهم أن قاموا بجنح صغرى، لكن تدخل ذويهم لدى السلطات الأمنية تسبب في إطلاق سراح مبكر لهم دون متابعة تذكر.
و حسب متابعتنا لحوادث مشابهة فإن معظمهم عانى أو لا يزال من تفكك أسري، أو من الغياب المتكرر للأب بسبب ظروف عمله.
إن جنوح الشباب يعد مشكلة اجتماعية خطيرة تسبب قلقا متزايدا لدى الأهالي، و السلطات على حد سواء، وهو ما يستوجب على الجميع تسليط الضوء على هذه المعضلة، قبل أن تخرج عن السيطرة، و وضع الاستراتجيات للحد منها، وذلك لحماية فلذات أكبادنا، و بناء مستقبل زاهر لوطننا الحبيب.
حفظ الله أبنائنا، و أصلح حالهم و حالنا .
من صفحة الأستاذ عالي ولد يعقوب.