وفروا نصائحكم.. فالرئيس ولد عبد العزيز يعي ما يفعل (مقال)
رغم احترامي لمشاعر، وعواطف البعض، ممن يظنون أنهم يتضامنون مع موظف بسيط يعتقدون أنه فـُصل من وظيفته بشكل تعسفي، ورغم تقديري لمواقف "المنخدعين" بتصديق القصة ببساطتها، وحملها على الطهارة، والأخذ بالظواهر الخداعة، إلا أنني أود أن أسجل هنا بعض النقاط التي قد تـُزيل اللبس، وتكشف الغشاوة عن البعض، وستفضح آخرين، تدثروا بعباءة الإنسانية، والإنصاف، ليقوموا بأشياء يعرفون – قبل غيرهم- أنها تناقض تلك القيم النبيلة.
أولا: سذاجة القصة..
هل يعتقد شخص لديه مثقال ذرة من عقل، أو حبة خردل من تفكير سياسي سليم أن شخصا يرأس الحكومة، ويندرج تحت وصايته جميع موظفي البلد، ويدير نحو 30 وزارة، وقطاعا حكوميا، سينزل إلى مستوى معاقبة موظف بسيط بعزله من منصبه، بسبب تدوينة كتبها على فيسبوك،؟؟ ثم هل الوزير الأول أصلا يعاني من الفراغ، والفضول، حتى يقرأ كلما يكتب على فيسبوك، و"يتفاعل" معه بهذه الطريقة..؟؟، والسؤال الأهم: ماذا يضير الوزير الأول لو انتقده مدون هنا، أو موظف هناك...؟ أو اليست وسائل الإعلام تعج يوميا بانتقاد رئيس الجمهورية، بل وشتمه، وتخوينه، وتخوين حكومته، فما الجديد في الأمر..؟؟!
قانونية الإجراء..
كثيرون انساقوا خلف الدعاية المغرضة، وصدقوا – دون تفكير- ما تم ترويجه بهذا الخصوص، وهنا يحق للشخص المحايد أن يتساءل – ببراءة- عن مدى قانونية فصل هذا الموظف من عدمها.. وستكون الإجابة التي لا لبس فيها هي: أن الموظفين على قسمين، قسم يشغل وظائف حصل عليها بموجب مسابقة وطنية، أو اكتتاب، مثل المعلمين، والأساتذة، والأطباء، ....الخ، وهؤلاء الموظفين لا يمكن لوزير، ولا وزير أول، ولا حتى رئيس الجمهورية أن يفصل أحدهم من وظيفته إلا بعد ارتكابه مخالفات تستوجب ذلك، ووفقا لمسطرة إجرائية، وقانونية واضحة، تمر بالوظيفة العمومية.
والقسم الثاني من الموظفين هم موظفون حصلوا على وظائفهم بسبب "تعيين" (مرسوم رئاسي، مقرر وزاري، مذكرة عمل)، مثل الوزراء، والمديرين، والمستشارين..الخ، وهؤلاء الموظفين يمنح القانون حق تعيينهم، وإقالتهم لرئيس الجمهورية، أو الوزير الأول، أو الوزير، أو المدير، أو الأمين العام، كل حسب مسطرة قانونية معروفة، وعلينا أولا أن نعرف إلى أي الصنفين من الموظفين ينتمي الأخ الذي تمت إقالته، وأثار كل هذا الضجيج، وبمعرفتنا لذلك، ستتم الإجابة على السؤال الأبرز.. هل إقالته قانونية طبيعية، أم تعسفية عقابية، مخالفة للقانون المعمول به..؟؟!.
التعيين، والالتزام السياسي..
أنا هنا ليست لدي معلومات بخصوص هذه الحالة بالتحديد، وإنما أتحدث بشكل عام، ومطلق، لأبين أن الصنف الثاني من الموظفين الذي بينا، أي الموظفين "المعينين" يتم اختيارهم وفقا لسلطة تقديرية يمنحها القانون للرئيس، أو الوزير الأول، أو من يحق له تعيينهم، ويكون الاعتبار السياسي حاضر هنا بقوة، لأن الشعب الموريتاني انتخب الرئيس محمد ولد عبد العزيز لقيادة البلد، والرئيس ولد عبد العزيز اختار المهندس يحي ولد حدمين لقيادة العمل الحكومي، ومن حق رئيس الجمهورية، ووزيره الأول أن يختاروا من بين المواطنين من يرون أنه سيساعدهم في تطبيق برنامج رئيس الجمهورية، وتنفيذ سياسات الحكومة في مختلف القطاعات، ولا يحق هنا لأحد، ولا قانون يلزم الرئيس، أو الوزير الأول بتبرير لماذا تم تعيين فلان، أو إقالة علان.. فالقانون منح السلطة التقديرية في ذلك للرئيس، ومن يمنحه الرئيس تلك الصلاحيات.
وإذا فكرنا بمنطق هؤلاء، فيحق لنا أن نتسائل: لماذا لا يتم تعيين الأستاذ محمد جميل منصور مثلا وزيرا للشؤون الإسلامية، أو وزيرا ناطقا باسم الحكومة..؟ أوليس مواطنا موريتانيا من الدرجة الأولى ؟، أو ليست لديه شهادات عليا، ومتخصص في الشؤون الإسلامية..؟ أو ليس خطيبا بليغا، ومتحدثا مقنعا، ليكون ناطقا باسم الحكومة..؟ ولماذا لا يتم تعيين المواطن محمد ولد بوعماتو سفيرا لموريتانيا في دولة أوربية مثلا..؟ أوليس مواطنا موريتانيا، ولديه علاقات خارجية، ما الذي منعه إذا من التعيين..؟؟ّ!.
أوردنا المثالين لنؤكد أن التعيين، والإقالة تتم – من بين أمور أخرى- حسب الولاء السياسي للنظام الحاكم، وحسب قناعة قادة البلد بأهلية هذا الشخص، واقتناعه بسياسة النظام، والدفاع عن حكومته، وقد يقوم الرئيس طبعا بتعيين شخص "معارض" في أي وظيفة، لكنه إذا قام بعزله من منصبه لأنه يعارض نهج حكومته، وبرنامجه السياسي، فإن ذلك الإجراء طبيعي جدا، ولا ينبغي أن يكون محل استغراب، أو مساءلة، ففي جميع العالم الأغلبية تحكم، والمعارضة تنتقد.
استغباء الرئيس، أم تسفيهه..!
يعتبر رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز هو المسؤول الأول عن تسيير شؤون البلد، ويمنح ما يشاء من صلاحياته، لمن يشاء من مواطنيه، وإذا قام الرئيس بمنح ثقته لوزير أول، أو عضو في الحكومة، أو أي مسؤول في الدولة، فإن اللباقة السياسية، والالتزام السياسي، والمقتضيات القانونية تقتضي من جميع من يساندون الرئيس أن يساندوا حكومته، وإذا عارضوها، أو لعبوا دور المعارضة في الهجوم على الحكومة، فإنهم في هذه الحالة لا يسلموا من أحد أمرين:
إما أنهم "يستغبون" رئيس الجمهورية، بمعنى أنهم يعتقدون أن الرئيس شخص غبي، وليس لديه القدرة على اختيار الأشخاص المناسبين في الوظائف المناسبة، وفي هذه الحالة على هؤلاء أن يتوجهوا لرئيس الجمهورية ويقولوا له ذلك صراحة، ويبينوا له عجزه عن انتقاء الموظفين المناسبين، بدل الهجوم على هؤلاء الموظفين الذين عينهم دون وجه حق، خاصة إذا كان الرئيس محقا في اختيارهم، ولديهم الكفاءة المطلوبة بالفعل.
الاحتمال الثاني لمن ينتقدون حكومة الرئيس، وسياسته هو أنهم يعتقدون أن رئيس الجمهورية "ساكت" على فساد هؤلاء الموظفين، مع قدرته على إقالتهم، وعلمه بفسادهم، وبالتالي فالرئيس في هذه الحالة – حسب منطقهم- متواطئ مع الفاسدين، وليس هناك احتمال ثالث لهؤلاء، أو خانة ثالثة يمكن أن نصنف داخلها أشخاصا يزعمون أنهم من أنصار رئيس الجمهورية، ومع ذلك يكرسون جهدهم، ووقتهم للهجوم على سياساته في محتلف القطاعات، فكفى ذرا للرماد في العيون، فالرئيس محمد ولد عبد العزيز ليس عبيا، - كما تتصورون- وهو – أي الرئيس- أدرى منكم بتفاصيل العمل الحكومي، ويتابعه يوميا بشكل دقيق ومباشر، ولديه وسائله، ومصادره في معرفة ما يجري في البلد، ولا ينتظر الرئيس مدونا هنا، أو ناشطا هناك – حتى لو كان من الأغلبية- ليقول للرئيس ما الذي عليه فعله، لذلك أنصحكم بأن توفروا عليكم إرشاداتكم، وصحوة الضمير هذه المتأخرة.
الأستاذ: سعدبوه ولد الشيخ محمد