ذكريات الزمن الجميل/ الفقيه د. الشيخ الزين الامام
كانت سبعينيات القرن الماضى حقبة تلاقح حضاري فقد ظهرت فيها الحركات الفكرية والأحزاب . كانت حرب الصحراء والجفاف و انقلاب 1978 أكبر أحداث وقعت تلك الفترة . كانت إذاعة الجمهورية الإسلامية الموريتانية مصدر الخبر المحلي الوحيد . وكانت إذاعة لندن مصدر الخبر الدولي الوحيد . كنا حينها فى العشرية من العمر وكان الحدث الأكبر عندنا فى العام كله هو شهر رمضان بمائدته وتلاوته وأذكاره . كان هناك أشخاص سمعت عن بعضهم وعايشت بعضهم كان همهم الأخرة . لا احتفال لهم بأمور الدنيا منهم-والدنا – والدإخوتنا- حفظهم الله-إنه أحمدى ولد أحمد بابو كان قارئا فقيها عالما زاهدا يصوم النهار ويقوم الليل وكان ذلك دأبه حتى انتحل جسمه وهزل بدنه .
وكان منهم الشريف العابد اشريف أحمد (امح )ولد الإمام الشريف كان يتخذ من غار فى جبل قريب من هنا نسميه غار( امح) متعبدا يعتكف فيه الليالي والأيام الطوال . يذكرنا ذاك بغار حراء وتحنث النبي صلى الله عليه وسلم . كان هؤلاء رؤوس الزهد فى تلك الحقبة و ان كان جميع القوم كذلك . لم يكن نساء حي بغداد -لعيون يخرجن من بيوتهن إلا لعيادة مريض أو صلة رحم . لم يكن التسوق هما نسائيا بل كان حكرا على الرجال . ذاك زمن الزهاد والعباد . كانت مدينة العيون كلها حاضرة القيم والتسامح والمعروف لا منكر يسمع ولا يتيما يقهر ولا ضعيفا يترك لحاله . كان القوم هم الأشعريون يتقاسمون الميرة والزاد ومن ملح ولم يملح جاره كأنه لم يملح … تذكرت تلك الأيام وانا اليوم أسير فى دروب عرفتها صبيا ويافعا . تغيرت ملامح المدينة وتقاربت المسافات بين الأحياء وتغير الأهلون .
بلاد بها حل الشباب تمائمى وناط نجاد المشرفي بعاتقي
تركت بها أهلا كراما وجيرة لهم جيرة تعتادني كل شارق