مع " المسار الحانوتي " الحلقة (2) / محمد ولد سيدي عبد الله
لم أكن أرغب في الرد على خامس رسائل الدكتور الشيخ ولد حرمة لجملة من الاعتبارات أبرزها أن "الدكتور" بإصراره على متابعة سلسلته "نحن والمسار الحانوتي" إنما يأخذ دور بطل في دراما تكشف حقيقة "صنب"!.
و"صنب" هذا شخص يعرفه معظم سكان نواكشوط على جنبات الطرق وملتقياتها أوقات الزحمة ، يعرف "صنب" بعصاه الخشبية وهندامه القشيب ونظراته الحولاء ، ويعرف "صنب" بالنواصي والأقدام.
يصطاد "صنب" غرباء العاصمة والجدد على السياقة ويستهدف النساء وأصحاب السيارات الفاخرة مشهرا عصاه ومحلقا بعينيه موهما الآخرين أنه مجنون ، وأن دفع النقود إليه هو أسهل سبيل للخلاص من تلك العصا وتينك العينين المسكونتين بالجنون .
لم تعد عصا "صنب" مصدر رزق بعدما تعرف عليه جل سكان نواكشوط بل إن معظم هؤلاء أصبحوا يسخرون من هجماته ونظراته ويتبادلون معه التحايا وينادونه باسمه "صنب" ، فلم يعد المشهد طريفا ولا العصا عصا مجنون يخافها العقلاء.
اكتشف هؤلاء أن الأمر لا يعدو ابتزازا بغيتا وفعلا مقيتا من عاقل صحيح لم يجد ما يسد به رمق أولاده إلا مهاجمة الأبرياء و ترويع الغرباء.
أعتقد أن سلسلة "الدكتور" تصب في هذا المنحى وأن كل حلقة من حلقات سلسلته تشكل صورة لأحدى العصي المشتتة في منزل "صنب" تلك العصي التي اجتثها قاطف أغصان من إحدى غابات بلاد "شنقيط" ليبعثها عبر أزيز الرياح ل "صنب" فتصبح آلة تهديده ووقود استهتاره.
لم تعد حلقات الدكتور مادة سمر النبلاء ومثار اهتمام الفضلاء ، أصبح إنتاجه جزءا من الروتين لا يؤرق المستهدفين بل لا يصل الكثير من لغطه مسامعهم على ما أعتقد ما جعل صورة "صنب" تمثل أمامي وأنا أمام دكتور، رئيس لحزب سياسي، ووزير سابق، وأمام رجل معلوم، بلغ من الكبر عتيا.
ولم أرى في عيوب الناس عيبٌ .... كنقص القادرين على التمامِ
هو اعتبار من بين أخر لا أرغب في كشفها لأنني امرؤ صائم، ولئن السيئة بأضعافها، والحسنة بأمثالها ولأنه في غير الأعراف الدبلوماسية ينبغي أن لا نجيد مبدأ المعاملة بالمثل.
ورغم ذلك قررت أن أرد على الدكتور لأنني رأيت من واجبي ذلك تجاه الوطن، تجاه الأهل، تجاه الأخلاق، تجاه المثل واتجاه الحق.
ولولا أنني تيقنت أن الأمر من واجبي لأحجمت عن الرد فما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ، وألسنة العقلاء مصونة عن العبث ، وتوضيح الواضح يزيده إشكالا ، لكن الساكت عن الحق شيطان أخرس ، والسكوت في غير محله ندامة .
لماذا يتعثر المسار؟ وييأس الحصان؟ ولماذا يوقد الدكتور لهيب مفرداته لتتسع دائرة الحريق وتعج رائحة الكراهية والحقد ويثمل كأس الإنكار والمزايدة وتئن حروف الشطط واللغط من قاموس الدكتور لنستنشق جميعا ريح اليأس المتعفن في مكبات الأمل المفقود ولتنال مفردات المسار "الحاناتي" من صميم أمة لا لشيء إلا لأنها قررت بالأمس القريب أن تتخب رئيسها رغم دعاة التأجيل .