مشاهير الوزراء، وجنرالات الصحافة بكاء على الأطلال أم على المصالح
يعرف عن الموريتانيين أن ذاكرتهم السياسية سريعة النسيان،ومزاجهم سريع التقلب، ويتبعون عادة مبدأ "عاش الملك، مات الملك" فهم مع كل رئيس في السلطة،وكل وزير في الوزارة، لكنهم سرعا نما ينقلبون ضد أي "مخلوع" أو "معزول" أو"مقال".
بيد أن تشكيل الحكومة الجديدة، بقيادة يحي ولد حدمين، وإبعاد الوزير الأول السابق د/ مولاي ولدمحمد لغظف عن الواجهة،ومعه وزير الاتصال المثير سيد محمد ولد محم يبدو أن هذه التطورات كشفت عن ملامح ظاهرة جديدة على المشهد السياسي،والإعلامي الموريتاني.
وتتمثل هذه الظاهرة في محاولة بعض الوزراء المقالين، بل وحتى الوزير الأول الأسبق محاولتهم أن يظلوا في الواجهة الإعلامية، رغم إقالتهم، فبعضهم حرك جيوشه الإعلامية التي دربها، ومولها على مدى سنوات، أو أشهر للاستعانة بها عندالحاجة، وربما حان وقت تدخلها، لعلها تنجح في فرض اسم هذا الوزير أو ذاك على المشهد العام، أو على الأقل تصوير إقالته ب"الخسارة" التي لا تعوض لموريتانيا، والإسهاب في ذكر مآثره، ومناقبه، وبعض جنرالات الصحافة أبدع في كتابة مذكرات عن علاقته بهذا الوزير المقال أو ذاك، في عنتريات تبدو أشبه ببكاء على الأطلال، أو على المصالح بالأحرى.
صرامة ولد عبد العزيز، وقدرته على المفاجأة، واستحالة نسج علاقات صداقة دائمة معه أربكت هؤلاء الوزراء المقالين، وأربكت كذلك خطط جنرالاتهم من الإعلاميين، وحاشيتهم من المناصرين، ومع ذلك فمحاولات إعادة تأهيل النفس، والتقاط الأنفاس، وتجاوز الصدمة، والعودة للحلبة مستمرة بكل إصرار.
بينما اختار وزراء آخرون مقالون العودة لأسلوب الحملات الانتخابية، عبر جمع مناصريهم، وإصدار بيانات باسم المناصرين غامضة في فحواها، لكنها تحمل رسالة من أنصار الوزير المقال مفادها: نحن هنا، لا نزال خلفك، وندعمك.. رغم تخلي رئيس الجمهورية عنك، ولو مؤقتا على الأقل، فاستعراض الثقل الشعبي يبقى ورقة مهمة لدى الوزراء المقالين.
في حين هناك فريق ثالث من الوزراء المقالين يتعرض لتصفية حسابات من مسؤولين في السلطة، للانتقام منه في لحظة ضعف سياسي، وذلك عبر حرب شائعات مغرضة ضد هذا الوزير المقال أو ذاك، في إمعان في التشفي، والنكاية، مع أن مزاج ولد عبد العزيز المتقلب يؤكد المثل الشعبي القائل " بطت .. ما اتظحت أوخر" فلا أحد بمأمن، مهما تصور ذلك.
لكن ما يبعث الأمل في نفوس "المقالين" هو أن ولد عبد العزيز أحيانا يجرد موظفا من مهامه لسوء التسيير، فيكافؤه بتعيين أرفع في منصب أهم، كما يمكن أن يخرج وزيرا من أقرب المخلصين له من الوزارة إلى سجن دار النعيم مباشرة،وربما دون المرور بقصر العدل حتى.
ومع انتشار مواقع الإنترنت، وقدرتها على صناعة الرأي العام، والتأثير فيه يتوقع أن يزداد استخدامها من النخب، والمسؤولين المقالين، أو من هم في السلطة في حرب كل شيء فيها مباح، فغاية التعيين، تبرر كل وسيلة – على ما يبدو-.
سعدبوه ولد الشيخ محمد