هل خسرت " إيرا" المعركة، أم خسرت الحرب؟
بعد مرور أكثر من 24 ساعة على اعتقال زعيم حركة إيرا بيرام ولد اعبيدي، وما تلا ذلك من أعمال عنف قام بها أنصار الحركة، واعتقال رموزها لاحقا، وحالة الاستنفار في أسواق العاصمة... بعد كل هذه التطورات لم يصدر حتى الآن أي موقف رسمي من المعارضة الموريتانية بمختلف تشكيلاتها من هذه التطورات، واكتفت بمراقبة الوضع، وحتى شركاء بيرام على الأقل في شعار الدفاع عن الأرقاء السابقين لم يحركوا ساكنا.
ويرى المراقبون في هذا الصمت مؤشرا على رفع الغطاء عن حركة إيرا، بعد ما تجاوزت كل الخطوط الحمراء، وأمعنت في سب العلماء، وأخيرا بدأت في تخريب الممتلكات العامة، والخاصة، تحت شعار: " الفوضى الشاملة" لقلب الطاولة على الجميع، وإرباك النظام، وخلط أوراقه، وحساباته.
وفي خضم الصمت، والتجاهل من الداخل – حتى الآن- جاء الرد سريعا، بل ومتسرعا من منظمتين أمريكيتين، مرتبطتين باللوبي الصهيوني، ونددت المنظمتان بما أسمته قمع السلطات في موريتانيا للمطالبين بإنهاء الاسترقاق، لكن المنظمتين لم تستطيعا الدفاع عن أفعال بيرام، وأنصاره، ولا تبريرها، بل أبدت المنظمتان إدانتهما لأعمال العنف، والتفريق بين فئات الشعب.
فهل هو إذا إمساك للعصا من الوسط، أم هي بداية تعرية إيرا، وزعيمها بيرام خارجيا، بعد أن انفض عنها داعموها من الداخل؟ يرى المراقبون أن المنظمات الأمريكية، غير قادرة بالمرة على الدفاع عن العنف، والشغب، لأن الشرطة الأمريكية قمعت بشكل وحشي محتجين خرجوا دون ترخيص في بعض المدن الأمريكية، فالقاعدة تقول: "إن من ينتهك القانون في سعيه للحرية، لا يستحق لا الحرية، ولا القانون" فالغاية هنا لا تبرر الوسيلة.
فهمت حركة إيرا، وزعيمها مهادنة النظام الموريتاني فهما خاطئا – يقول البعض- ومشهد بيرام وهو يتنقل بين العواصم الغربية، ويحصد الجوائز أغرى الإيراويين، وأسال لعابهم لمزيد من النضال – يقولون- والتطرف – يقول البعض- حتى أصبح البعض يقول متندرا: إذا أردت أن يسمح لك بتنظيم المظاهرات دون ترخيص، ويطلق لسانك في سب العلماء، وانتهاك الأعراض، ونهب الممتلكات ما عليك سوى الانضمام لحركة " إيرا" لتتمكن من كل ذلك دون حساب، أو عقاب.
فعلى ما تعتمد إيرا في تهديداتها بإطلاق حرب شاملة ضد دولة البيظان العنصرية ؟وهل يخيل للإيراويين أن السلطات الموريتانية أغلقت جمعية المستقبل، لتسمح لحركة إيرا غير المرخصة بالعبث بالأمن، والاستقرار؟ هذا طبعا مع فارق القياس الكبير بين جمعية المستقبل، وحركة إيرا، سواء من حيث الأهداف، أو الوسائل المتبعة لتحقيقها.
هو إذا فصل جديد، وربما حاسم من العلاقة بين السلطات، وإيرا، فصل لا شك سيكون له ما بعده، فالرسائل الخشنة المتبادلة بين الطرفين، تجاوزت جس النبض للدخول في معركة حقيقية ربما لم تحسب لها حركة إيرا حسابها، ولم يتصور بيرام – الذي كان يخطط للسفر إلى داكار، ومنه إلى أوربا بعد مهرجان في روصو-، لم يتوقع أن يجد نفسه أمام المحققين بتهمة طالما تبجح بها، وافتخر، تهمة تهديد السلم، والسكينة، والوحدة الوطنية.
لكن رفيق درب بيرام السعد ولد لوليد خاطب أنصاره بحماسة عنترة بن شداد، قائلا لهم:"إن المشانق للعلا سلما" قبل أن يجد ولد لوليد نفسه رهن التوقيف،.. أحرقت إيرا الكتب الدينية، وانتهى الأمر بمكاسب سياسية حققتها، وتمادى زعماؤها في سب العلماء، من الإمام مالك، إلى العلامة ولد حبيب الرحمن، فاعتبر ذلك جراءة، وشجاعة لا تقدر عليها غير إيرا، وبالأمس حاولت إيرا إشعال أكبر أسواق العاصمة، علها بذلك تشعل حربها الموعودة، فهل سينتهي هذا الفصل من معركة إيرا بمكاسب تحققها الحركة؟ أم سيكون بداية نهاية الحركة، بعد أن اكتشفت أن لكل شيء حدودا.. حتى الحرية ؟!
سعدبوه ولد الشيخ محمد