صبرا أهل " كيفه" فإن مصيركم العطش! (رأي حر)
يبدو أن آمال سكان معظم أحياء مدينة كيفه في ري ظمأهم تتبخر كما تتبخر السوائل من أجسامهم التي قاربت على التفحم تحت أشعة الشمس الملتهبة مع بداية هذا الصيف.
و رغم أنهم سيصطفون غدا و بعد غد، تحت هذه الأشعة الحارقة ساعات و ساعات لاستقبال رئيسهم، ليبايعوه فرادى و جماعات، و يضفون عليه "قدسية" جديدة، و يمنحوه لقب الأمير و الفاتح، و المحرر و المؤسس، إلا أنهم سيعودون و قد جفت حلوقهم من العطش إلى حنفيات تعودت أن تعتصر ألما و دما كلما حاول أحدهم جاهلا أو ناسيا أن يفتحها.
أطر كيفه القادمون مع الزيارة كثير منهم عبأ مستودع سيارته بقنينات المياه المعدنية،لأنهم ولدوا و تربوا على هاجس الخوف من العطش، أما ساكنة كيفه القارة فقد تعودت العطش في مدينة أصبحت في نظر كثير من المراقبين من أكثر مدن العالم عطشا.
من واجب الرئيس أن يزور عاصمة ولاية لعصابه و يتحدث إلى ساكنتها،فليسأل أول من يلقاه منهم ما أكثر المطالب إلحاحا في المدينة؟ سيجيبه و قد أَدْلَعَ لسانه من العطش:العطش،فإن لم يصدقه فليسأل الحنفيات و هي أصدق من الجميع، لأنها ليست مبرمجة كبعض "المتزلفين" على الكذب.
من حق الرئيس أن لا يصدق ما تنشره المواقع الإخبارية فهي منحازة، ومن واجبه أن يتحقق من تقارير الإدارة فهي مختصة في تمويه الحقائق، و رسم الصورة الوردية " المخادعة"، و من طبيعة المنافقين، و المتزلفين المتلونين أن يلووا ألسنتهم من أجل إرضاء الرئيس و يمدحوه ليسير فوق رؤوس العطشى، و الجياع، و هم صابرون على المشقة و المكابدة التي يبذلونها من أجل الحصول على الماء و الغذاء، لكن الرئيس ككل المسلمين الذين يرجون ولوج أبواب الجنة، و يتطلعون إلى ذلك عبر كل المسالك ولا يحقرون من المعروف شيئا،قد يدخل الجنة إذا تمكن بقدرة قادر من سقاية أهل كيفه، ففي الحديث الشريف "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : "غُفِرَ لِامْرَأَةٍ مُومِسَةٍ مَرَّتْ بِكَلْبٍ عَلَى رَأْسِ رَكِيٍّ ، يَلْهَثُ ، وفي رواية (قَدْ أَدْلَعَ لِسَانَهُ مِنْ الْعَطَشِ) ، كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ ، فَنَزَعَتْ خُفَّهَا ، فَأَوْثَقَتْهُ بِخِمَارِهَا ، فَنَزَعَتْ لَهُ مِنْ الْمَاءِ ، فسقته ، فَغُفِرَ لَهَا بِذَلِكَ.
و في قصة مشابهة في الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :«بَيْنَا رَجُلٌ بِطَرِيقٍ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ ، فَوَجَدَ بِئْرًا ، فَنَزَلَ فِيهَا ، فَشَرِبَ ثُمَّ خَرَجَ . فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنْ الْعَطَشِ . فَقَالَ الرَّجُلُ : لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنْ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ مِنِّي . فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلَا خُفَّهُ مَاءً فَسَقَى الْكَلْبَ ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ ». قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّه ، وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ لَأَجْرًا ؟ فَقَالَ :«فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْر".
من حق الرئيس أن يشكك ويتحقق و يعاين، لكن ليس من حقه أن يماطل في سقاية العطشى الصابرين على عذاباتهم كما صبر آل ياسر فبشروا بدخول الجنة، و حرم منها من كان يعذبهم.
عال ولد يعقوب