هيبة "عزيز" من هيبة الدولة، وهي مقصد شرعي و ضرورة دنيوية/ عال ولد يعقوب
يجمع أغلب المشتغلين في الكتابات السياسية للدول على أن وصية الأولين و الآخرين هي بقاء الدول مهابة الجانب، محشومة المقدار في نفوس الرعية، و في استنطاق التاريخ الكثير من العبر، والعظات التي تؤكد على ضرورة الإبقاء على هذه القاعدة الراسخة، و القيمة العالية لاستمرار كيان الدولة.
و بطاعة ولاة الأمور و احترامهم تتحقق هيبة الدولة، و تضبط المصالح العامة، و بالإفتئات عليهم تسقط هيبة الدولة، و تزول حشمتها، و يجرؤ عليها الدهماء و الغوغاء.
و يرى البعض أن الزيارات التي يقوم بها الرئيس محمد ولد عبد العزيز لولايات الداخل تتخللها الكثير من مظاهر إهانة الدولة ممثلة في شخص رئيس الجمهورية.
و من ذلك مثلا ما تم في زيارته لولاية لعصابه عندما خطبت فتاة متهورة الرئيس لنفسها خلال وقفة تفقدية و الرد الذي عقب ذلك، و منه أيضا رمي موكب الرئيس بالحجارة خلال جولته في ازويرات، هذا إضافة إلى عبارات السب، و القدح التي أطلقها عناصر شباب " إييرا" في زيارة لبراكنه بالأمس.. ناهيك عن الحاملين أبواقهم "العيابون" ،و "الطعانون" و الممجدين لخاصة الرئيس من وزراء و مستشارين و حراس ..
ومن نخبتنا المثقفة، و كتابنا "العمالقة" من يطلق عنان قلمه ليتدفق بعبارات نابية و تجريحية في حق الرئيس، و منهم من يسلقه بألسنة حداد حتى إذا أعطوا كفوا،كل ذلك تحت شعار حق حرية التعبير، و التظاهر و المعارضة، و غير ذلك من الحريات التي يضمنها الرئيس نفسه، و يكفلها الدستور الموريتاني.
و إذا كان ولد عبد العزيز يتأسى في هذا بنهج الخليفة عثمان بن عفان – رضي الله عنه- في لينه و تسامحه كي لا ينفض الناس من حوله، و هو أمر مرغب فيه مع ما فيه اليوم من تضخيم الصورة... إلا أن البعض يرى فيه بوادر انزلاق خطير، وانتقاص مهول من حشمة الدولة (اعتداء على حرس سفارة موريتاينا بفرنسا،التخابرضد مصلحة موريتانيا لصالح دول أجنبية..) يسترعي من الرئيس أن يتأسى فيه ولو قليلا بنهج أمير المؤمنين عمر بن الخطاب –رضي الله- و الذي قال فيه الخليفة عثمان مرة من على المنبر مخاطبا الناس" ألا فقد والله عِبْتُم علي بما أقررتم لابن الخطاب بمثله، ولكنه وطئكم برجله، وضربكم بيده، وقمعكم بلسانه، فدِنْتُم له على ما أحببتم أو كرهتم، ولِنْتُ لكم، و أوطأت لكم كنفي، وكففت يدي ولساني عنكم، فاجترأتم علي" ، و كان ما كان فتنة، و ضعفا و تشرذما أصاب جسم الدولة الإسلامية وقوض أركانها.
نحن لا ندعو هنا إلى مصادرة الحريات، و تكميم الأفواه و إعلان حالة الطوارئ، بل نؤكد على ضرورة الوقوف في وجه التجاوزات التي تمس من هيبة الدولة أو التعرض لشخص الرئيس، و شخوص الوزراء من طرف الغوغاء و الدهماء دون وجه حق سوى محاولة ابتزازهم أحيانا، أو لفت الانتباه إلى آخرين يسعون أن يحلوا مكانهم أحيانا أخرى.
و يظل لعلماء البلد، وأئمة المساجد المتأملين في النصوص الشرعية و السوابق التاريخية، و الأحداث المعاصرة، و المربين الدور الأساسي في بيان أهمية احترام رموز هيبة الدولة للناس، لأنها في نهاية المطاف سفينتنا ولن نقبل بأن يخرقها أحدهم ليغرقنا جميعا.
حفظ الله موريتانيا و أهلها و كفاها شر الفتن ما ظهر منها و ما بطن.
عال ولد يعقوب