عفوا سيدي الرئيس: الغاية لا تبرر الوسيلة (مقالة)
حول الرأفة والقسوة كتب ميكافيلي في وصايا إلى الأمير" على الأمير أن يفرض الخوف منه، بطريقة يتجنب بواسطتها الكراهية إذا لم يضمن الحب ".
"السياسي لا يملك ترف الكراهية" هكذا أجاب منديلا عندما سئل كيف تغلب على ما فعله به نظام الفصل العنصري السابق، الذي جعله يقضي أفضل فترة في حياته مسجونا، ومارس قهرا أدانه العالم كله ضد أهل البلاد الأصليين الذين يشكلون ثمانين في المائة من السكان، قال:" إن السياسي لا يملك ترف الكراهية لأن الكراهية تتلف العقل"
على القائد دائما أن يواجه ويفكر ويخطط، وتبعا لذلك تصدرعنه أقوال وأفعال في لحظة عاطفية، تجعل الناس يحكمون عليه بأنه رحيما لا قاسيا فظيعا، ويصبح محبوبا، لكن عليه أن لا يغتر بهذه الصفة ويسرف في استعمال هذه الرحمة خاصة في الحالات الحرجة المستعصية التي تتطلب الصرامة والقسوة من أجل مواجهة الإخطار المحدقة.
ومع ذلك عليه أن يكون حذرا فيما ينقل له من أخبار وفيما يقوم به من أفعال وأن تكون أحكامه عادلة ومتبصرة حتى لا يقع في فخ المزاجية ومصيدة الأنانية.
من هذا المنطلق جاء قرار إقالة أطر مدينة كرو على خلفية هزيمة الحزب الحاكم منافيا للمنطق ومجانبا للصواب، وتباين الكتاب والمختصون في البحث عن الدوافع الرئيسية والغايات الخفية وراء سرعة هذه الإقالات وهل هي خاصة أم عامة؟
ومع أن الرئيس يملك كامل الصلاحيات في تعيين أو عزل الموظفين لكن حجم هذا القرار وطبيعته كانت سابقة، من حيث كونه خص مدينة معينة وفئة خاصة، ذنبها الوحيد أنها لم تستطع أن ترغم ساكنة مدينتها على هضم ما لفظته معدها بعد ما مضغته سنون ولم تجد فيه طعما ولا فائدة.
أما كان حريا بكم يا سيادة الرئيس أن تعاقبوا من عاقبته مدينته واختارت غيره؟ أم أنه درس وعبرة لمن يختار طريقا غير الطريق الذي ترسمه قيادة الحزب الذي لا يفوت فرصة للتذكير بأنه حزب الرئيس؟
أليس من الإنصاف أن تجرد تلك الأطر الحزبية والحلق الضيقة- التي تمتهن سياسة الاسترزاق والانتهازية لتمرير من يدفع لها أكثر- من مناصبها وتوبخ على سوء اختياراتها ومحاباتها وعدم رضوخها عند إرادة القواعد الشعبية والقوى الحية في هذا الحزب، بعيدا عن الانزواء في القوالب القبلية والمحسوبية.
كنت يا سيادة الرئيس قد احتويت قلوب الغالبية العظمى من الموريتانيين عندما تعرضت للحادثة المشئومة، وتعاطف الكل مع سيادتكم فكسبت قلوبهم واستقبلوكم استقبال الأبطال الفاتحين، لكن ها انتم اليوم في لحظة تسرحون العشرات من الأطر الذين يعيلون المئات وقد تكون الآلاف التي لم تصوت لمرشحكم في كرو، لكنها صوتت لكم وربما كانت ستصوت لكم، فلماذا تضيعون آلاف الأصوات من أجل صوت واحد .
قد نتفق أو نختلف في تأويل أسباب وغاية هذه الفعل ولكن لا نختلف في أن وسائله غير مبررة.
عال ولد يعقوب